aymonded
07-18-2007, 02:35 AM
عموما وباختصار نجد أن هناك فجوة عظيمة بين الأهل والأبناء وخاصة في سن المراهقة، وهناك حتماً أسباب لهذه الفجوة:
هناك سببان كامنان وراء هذه الفجوة:
أولاً: اختلاف مفاهيم الآباء عن مفاهيم الأبناء، وهذا طبيعي لاختلاف الأجيال والأزمان، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار سرعة تغير مجتمعاتنا (لا ننسى أن الأبناء يعيشون الآن في عالم المتغيرات السريعة، وعالم أكثر انفتاحية: فضائيات، إنترنت، كمبيوتر…، بينما عاش جيل الآباء خبرة التلفاز - أبيض وأسود - عندما كانوا في مثل سنهم، أو إنهم كانوا في بداية حركة التكنولوجيا )
ثانيًا: اختلاف البيئة، بين البيئة التي نشأ فيها الأهل وتكوّنت شخصيتهم وبيئة الأولاد، وأيضاً اختلاف الدراسة والمدارس والتربية، وكم هائل من التغيرات حتى في أسلوب التعامل والأصدقاء، ولذا نرى أن "صراع الأجيال" ستزداد حدته يوماً بعد يوم لأن العالم سيستمر في التغيير كل يوم وفي كل جيل وبسرعة مذهله!!
المشكلة هي أن الأهل نادرًا ما يحاولون أن يتصرفوا على أساس رؤية الأمور من موقع الأبناء لا من مواقعهم هم، وهنا بالضبط ما أكدته الدراسات التي أظهرت أن أكثر من 80% من مشكلات المراهقة – في عالمنا العربي – كانت نتيجة مباشرة لمحاولة الوالدين تسيير أولادهم بموجب آرائهم وعاداتهم وتقاليد مجتمعاتهم، وبالتالي يحجم الأبناء، وبخاصة في سنوات الشباب الأولى، عن الحوار مع أهلهم؛ لأنهم يعتقدون أن الآباء إما أنهم لا يهمهم أن يعرفوا مشكلاتهم، أو أنهم لا يستطيعون فهمها، أو أنهم - حتى إن فهموها - ليسوا على استعداد لتعديل مواقفهم لأنهم ليسوا على دراية بالجيل الحالي، هذا الجيل الذي تغير كل شيء عنده، من فن وغناء وموسيقى وملبس ومأكل...الخ.
وهكذا يلوذ البنون إلى "الضِّدِّية" (السباحة ضد تيار الأهل) بطريقة تؤلم الوالدين ،ولكن دونما شعور منهم، وقد وصف شاب هذه الحالة: بالاغتراب بينه وبين والديه
فلماذا..؟ لماذا هذه "الضِّدية"؟ ولماذا حالة الاغتراب بين المراهق ووالديه؟
هذا السؤال إجابته تكمن في "محورية الأنا" التي يتميز بها المراهق؛ فالمراهق مدفوع - رغمًا عنه، وبحكم عوامل نفسية تعمل فيه في هذه المرحلة من نموه - إلى التركيز الشديد على ذاتيته الشخصية الناشئة التي تتحول إلى محور اهتمامه وتفكيره؛ حيث إنه يكتشف تمايزه وتفرده - وهو الذي كان بالأمس القريب جزءاً لا يتجزأ من بيئة عائلية في حالة اندماج معها - هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى تطرأ عليه - دون وعي أو شعور منه – حالات من القلق والمزاجية وعدم الاستقرار و"أزمة هوية".. (إنه مخاض ذلك المولود الجديد الذي وصفناه من قبل في العنوان الرئيسي: بالمولود الثائر.)
فانسلاخ المراهق عن مواقف وثوابت ورغبات الأسرة ما هو إلا وسيلته لتأكيد وإثبات تفرّده وتمايزه، وهذا يستلزم بالطبع معارضة سلطة الأهل - سواء أكانت صادرة بصورة حازمة أم بصورة هادئة -؛ لأنه يعتبر أي سلطة فوقية أو أي توجيه إنما هو استخفاف لا يطاق بقدراته العقلية التي أصبحت موازية جوهريًّا لقدرات الراشد، واستهانة بالروح النقدية المتيقظة لديه، والتي تدفعه إلى تمحيص الأمور كافة؛ وفقًا لمقاييس المنطق عنده
إذن، هذا هو "المولود الثائر"؛ فما الحل؟
إن معالجة مثل هذه الأوضاع لا يكون إلا بـ "إحلال الحوار الحقيقي"بدلاً من التنافر والصراع والاغتراب المتبادل. وهنا لا بد من التنويه إلى أنه ليس المقصود بلفظ "الحوار" إزالة كافة أنواع الخلافات أو انسحاب الأهل أمام رغبات الشباب ونزواته وتلبية كافة طلباته مهما كانت مستحيلة أو صعبة على الوالدين أو غير منطقية أو مكلفة جداً، بل المطلوب من الأهل أن يكونوا موجودين، بكل ما تحمله كلمة "موجودين" من معنى.
لا بد من تفهم وجهة نظر الأولاد، فعلاً لا شكلاً؛ بحيث يشعر الشاب أنه مأخوذ على محمل الجد ومعترف به وبتفرده – حتى لو لم يكن الأهل موافقين على كل آرائه ومواقفه – وأن له حقًّا مشروعًا في أن يصرّح بهذه الآراء ،الأهم من ذلك أن يجد الشاب أو الشابة لدى الأهل آذانًا صاغية وقلوبًا متفتحة من الأعماق، لا مجرد مجاملة. كما أنه ينبغي أن نفسح المجال لأن يشق الشاب طريقه بنفسه حتى لو أخطأ؛ فالأخطاء طريق للتعلم.
وللحديث بقية
لأننا سوف نتكلم بخطوات عملية عن طريقة التفاهم مع المراهق
هناك سببان كامنان وراء هذه الفجوة:
أولاً: اختلاف مفاهيم الآباء عن مفاهيم الأبناء، وهذا طبيعي لاختلاف الأجيال والأزمان، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار سرعة تغير مجتمعاتنا (لا ننسى أن الأبناء يعيشون الآن في عالم المتغيرات السريعة، وعالم أكثر انفتاحية: فضائيات، إنترنت، كمبيوتر…، بينما عاش جيل الآباء خبرة التلفاز - أبيض وأسود - عندما كانوا في مثل سنهم، أو إنهم كانوا في بداية حركة التكنولوجيا )
ثانيًا: اختلاف البيئة، بين البيئة التي نشأ فيها الأهل وتكوّنت شخصيتهم وبيئة الأولاد، وأيضاً اختلاف الدراسة والمدارس والتربية، وكم هائل من التغيرات حتى في أسلوب التعامل والأصدقاء، ولذا نرى أن "صراع الأجيال" ستزداد حدته يوماً بعد يوم لأن العالم سيستمر في التغيير كل يوم وفي كل جيل وبسرعة مذهله!!
المشكلة هي أن الأهل نادرًا ما يحاولون أن يتصرفوا على أساس رؤية الأمور من موقع الأبناء لا من مواقعهم هم، وهنا بالضبط ما أكدته الدراسات التي أظهرت أن أكثر من 80% من مشكلات المراهقة – في عالمنا العربي – كانت نتيجة مباشرة لمحاولة الوالدين تسيير أولادهم بموجب آرائهم وعاداتهم وتقاليد مجتمعاتهم، وبالتالي يحجم الأبناء، وبخاصة في سنوات الشباب الأولى، عن الحوار مع أهلهم؛ لأنهم يعتقدون أن الآباء إما أنهم لا يهمهم أن يعرفوا مشكلاتهم، أو أنهم لا يستطيعون فهمها، أو أنهم - حتى إن فهموها - ليسوا على استعداد لتعديل مواقفهم لأنهم ليسوا على دراية بالجيل الحالي، هذا الجيل الذي تغير كل شيء عنده، من فن وغناء وموسيقى وملبس ومأكل...الخ.
وهكذا يلوذ البنون إلى "الضِّدِّية" (السباحة ضد تيار الأهل) بطريقة تؤلم الوالدين ،ولكن دونما شعور منهم، وقد وصف شاب هذه الحالة: بالاغتراب بينه وبين والديه
فلماذا..؟ لماذا هذه "الضِّدية"؟ ولماذا حالة الاغتراب بين المراهق ووالديه؟
هذا السؤال إجابته تكمن في "محورية الأنا" التي يتميز بها المراهق؛ فالمراهق مدفوع - رغمًا عنه، وبحكم عوامل نفسية تعمل فيه في هذه المرحلة من نموه - إلى التركيز الشديد على ذاتيته الشخصية الناشئة التي تتحول إلى محور اهتمامه وتفكيره؛ حيث إنه يكتشف تمايزه وتفرده - وهو الذي كان بالأمس القريب جزءاً لا يتجزأ من بيئة عائلية في حالة اندماج معها - هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى تطرأ عليه - دون وعي أو شعور منه – حالات من القلق والمزاجية وعدم الاستقرار و"أزمة هوية".. (إنه مخاض ذلك المولود الجديد الذي وصفناه من قبل في العنوان الرئيسي: بالمولود الثائر.)
فانسلاخ المراهق عن مواقف وثوابت ورغبات الأسرة ما هو إلا وسيلته لتأكيد وإثبات تفرّده وتمايزه، وهذا يستلزم بالطبع معارضة سلطة الأهل - سواء أكانت صادرة بصورة حازمة أم بصورة هادئة -؛ لأنه يعتبر أي سلطة فوقية أو أي توجيه إنما هو استخفاف لا يطاق بقدراته العقلية التي أصبحت موازية جوهريًّا لقدرات الراشد، واستهانة بالروح النقدية المتيقظة لديه، والتي تدفعه إلى تمحيص الأمور كافة؛ وفقًا لمقاييس المنطق عنده
إذن، هذا هو "المولود الثائر"؛ فما الحل؟
إن معالجة مثل هذه الأوضاع لا يكون إلا بـ "إحلال الحوار الحقيقي"بدلاً من التنافر والصراع والاغتراب المتبادل. وهنا لا بد من التنويه إلى أنه ليس المقصود بلفظ "الحوار" إزالة كافة أنواع الخلافات أو انسحاب الأهل أمام رغبات الشباب ونزواته وتلبية كافة طلباته مهما كانت مستحيلة أو صعبة على الوالدين أو غير منطقية أو مكلفة جداً، بل المطلوب من الأهل أن يكونوا موجودين، بكل ما تحمله كلمة "موجودين" من معنى.
لا بد من تفهم وجهة نظر الأولاد، فعلاً لا شكلاً؛ بحيث يشعر الشاب أنه مأخوذ على محمل الجد ومعترف به وبتفرده – حتى لو لم يكن الأهل موافقين على كل آرائه ومواقفه – وأن له حقًّا مشروعًا في أن يصرّح بهذه الآراء ،الأهم من ذلك أن يجد الشاب أو الشابة لدى الأهل آذانًا صاغية وقلوبًا متفتحة من الأعماق، لا مجرد مجاملة. كما أنه ينبغي أن نفسح المجال لأن يشق الشاب طريقه بنفسه حتى لو أخطأ؛ فالأخطاء طريق للتعلم.
وللحديث بقية
لأننا سوف نتكلم بخطوات عملية عن طريقة التفاهم مع المراهق