المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أحفظ الوديعة - سلسلة الكتاب المقدس والتقليد (1) تمهيد


aymonded
11-25-2008, 12:13 AM
الكتاب المقدس والتقليد
تمهيـــــــــد

أحفظ الوديعــــــــة – 1تي6: 20

التقليد حياة الروح القدس في الكنيسة – فلاديمير لوسكي



يقول الآباء الشرقيون : [ نحافظ على عقيدة الرب بدون فساد ؛ ونتمسك بثبات الإيمان الذي أعطانا ، ونحفظه مُنزهاً عن كل شائبة أو نقض ، كما يُحفظ كنز ملكي وصرح باهظ الثمن ، لا نُضيف إليه شيئاً ولا نُنقص منه شيئاً ]

ويقول القديس يوحنا الدمشقي : [ لن نُغير في الحدود الأزلية التي خطها آباؤنا ، بل نحافظ على التقليد كما تسلمناه ]


ما الذي نعنيه بالتقليد !!!
التقليد بالمعنى القاموسي للكلمة : هو رأي أو معتقد أو عادة ينقلها الآباء لأبنائهم قد يكون شفاهاً أو كتابة ، أو الأثنين معاً ، وتستمر بالحفظ والنقل من جيل لآخر .

وبناء على المعنى القاموسي ، يعتبر الكثيرين أن التقليد هو :
[ التعليم الشفهي الذي أعطاه المسيح ولم يدونّه تلاميذه المباشرون [ ( قاموس أكسفورد )

وبالتالي يُعتبر التقليد – عند البعض – شيء آخر غير الكتاب المقدس ، وإنهما مصدران مختلفان من مصادر الإيمان الأرثوذكسي ، والمسيحي عموماً .

ولكن التقليد بالنسبة للمسيحي الأرثوذكسي ، هو أعمق وأدق من هذه التعريفات المطروحة ، لأنه لا يوجد – في الواقع – سوى مصدر واحد فقط للتقليد – كما سنرى من خلال بحثنا – لأن الكتاب المقدس موجود ضمن التقليد وغير منفصل عنه على الإطلاق .

والعمل على فصل الكتاب المقدس عن التقليد ، أو وضع التقليد في مواجهة الكتاب المقدس ، أي كمنفصلين عن بعضهما البعض ، يؤدي على الفور لفقرهما معاً بالنسبة لنا ، وفقدان معنى التقليد ، وفقدان الشرح السليم للكتاب المقدس !!!



التقليد الأرثوذكسي - يا أحبائي – ليس بعقيم ، بل متجدد دائماً ذات قوة مستمده من الروح القدس ، والتي تزداد في كل يوم وكل عصر أكثر لمعاناً وإشراقا بقوة الحق في المسيح يسوع ...


فالأرثوذكسية مستحيل أن تكتفي " بلاهوت الترداد " العقيم ، الذي فيه نكتفي بأن نُردد صيغ معروفة دون أن نسعى إلى مضمونها ، فلا يوجد آلية في التقليد ...


فالتقليد لا يُلزمنا فكرياً بمجموعة من العقائد ، لأن التقليد أبعد جداً من مجرد مجموعة من الآراء والأفكار الخاصة والمجردة .


التقليد لقاء حي ، وشخصي ، مع المسيح – له المجد – في الروح القدس الرب المحيي .


التقليد لا تحفظه الكنيسة مجرد حفظ عقلي ، بل هو يحيا فيها ، وهو في الكنيسة حياة الروح القدس .


ففي المفهوم الأرثوذكسي ، ليس التقليد جامد ، ولا قبول ميت للماضي ، بل هو خبرة الروح القدس ، الذي يحافظ على تجديده باستمرار في عمق القلب من الداخل .

وبالرغم من أن التقليد ثابت – لأن الله لا يتغير إطلاقاً – فانه يتخذ على الدوام صيغ جديدة ، بما يتناسب مع كل عصر ، دون أن تغير جوهر معنى التقليد ، بل كل لفظة تخرج من فم الكنيسة الجامعة ، تُضاف الواحدة منها إلى الأخرى دون أن تحل محلها ن بل تزيدها قوة وإيضاحاً .



[ التقليد شهادة الروح القدس ، ووحيه الذي لا ينقطع ، وبشارته المستمرة ... ولكي نقبل التقليد ونفهمه ، علينا أن نحيا في المنيسة ، وأن نعي حضور السيد الواهب البركات ، وعلينا أن نحس فيها نَفَس ( أنفاس ) الروح القدس ... فالتقليد ليس مبدأ للصيانة والحفظ ، بل هو أولاً مبدأ النمو والتجديد ... والتقليد ليس ذاكرة نُطقية فقط ، بل هو المستقر الدائم للروح القدس ] ( ألأب جورج فلوروفسكي )

ومصدر احترام الأرثوذكسيين للتقليد ، هو الوعد الإلهي :
" وأما متى جاء ذاك ، روح الحق ، فهو يُرشدكم إلى جميع الحق " ( يو16: 13 )

- يتبـــــــــــــع -