المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سوء حالة البشر ؛ لماذا ارسل الله ابنه متأخراً (7) نص الرسالة إلى ديوجينيتيوس في الدفا


aymonded
12-03-2008, 10:13 AM
الرسالة إلى ديوجينيتيوس من دفاعيات القرن الثاني

ترجمة المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية

نص الرسالة إلى ديوجينيتيوس
7 - الفصل الثامن والتاسع

الفصل الثامن : سوء الحالة البشرية قبل مجىء الكلمة

مَنْ مِن الناس يملك القدرة على ادراك الله قبل مجيئه ؟ هل سلمت بغرور و سخافة افكار الذين يثقون الفلاسفة ؟ فمن هؤلاء من قال ان النار هى الله , الذى به خُلقوا و اتوا الى الوجود . و البعض الاخر يقول ان الماء هو الله . و اخرون منهم يعتبرون اشياء خلقها الله انها هى الله. و لكن لو ان اى نظرية من هذه النظريات تستحق الاستحسان , فبالتبعية لابد ان نقر ان بقية الاشياء المخلوقة هى اّلهة. و لكن هذا الاقرار مرعب و خاطىء و كلام غش.



و أيضا الله لم يره احد قط ولا عرفه , بل هو الذى أعلن ذاته. لقد اظهر ذاته بالايمان للذين اُعطى لهم فقط. الله هو رب كل الاشياء و صانعها , و هو الذى وضعها فى اماكنها المختلفة. و هو اظهر ذاته ليس كمجرد صديق للبشرية فقط بل اظهر ذاته مشتركا فى معاناتهم. الله كان دائما محباً و يبقى محباً. و يبقى كذلك على الدوام , وهو خال من اى ميل للأنتقام. هو إله حقيقى , و هو الوحيد الصالح. و له اتحاد عظيم يفوق الادراك مع ابنه وحده. و كما حفظ سر حكمته مكتوماً لدرجة انه يبدو كأنه يهملنا , و كأنه لا يعتنى بنا. و لكن بعد ذلك كشف عن الاشياء المُعدة لنا منذ البداية عن طريق ابنه الحبيب. فقد انعم علينا بكل البركات مرة واحدة , و لذلك يجب علينا نحن ايضا ان نشاركه فى العطاء و نكون جادين فى خدمته. مَن منا كان يتوقع هذه الاشياء؟ هو الذى كان يهتم بكل هذه الامور فى عقله , و من خلال ابنه على اساس العلاقة الازلية بينهما.



الفصل التاسع : لماذا اُرسل الابن متأخراً ؟

في سالف الزمان , ولدنا بدوافع عديدة و لنا شهوات عديدة مبتعدين عن كل الرغبات الصالحة. و ليس معنى هذا ان الله كان مسروراً بخطايانا , او كان يسمح لنا بفرصة لعمل الشر , بل كان ببساطة يحتملنا. و كان يفتش عن عقل متيقظ وواعي لصلاحه و بره , حتى إذا اقتنعنا أثناء حياتنا بعدم استحقاقنا لنوال الحياة بأعمالنا الخاصة , عندئذ كان لابد ان يمنح الله لنا الحياة بسبب شفقته علينا. و إذ صار أمراً واضحاً لنا إننا لا نستطيع أن ندخل الى ملكوت الله بذواتنا فأننا نصير قادرين بقوة الله ان ندخل الى ملكوته. و لكن حينما وصل شرنا الى أقصاه و أصبح واضحاً اننا مستحقون للعقاب و الموت , و حينما جاء الوقت المعين من الله لأظهار قوته و صلاحه فأن حب الله الفائق جعله لا ينظر الينا بكراهية , ولا ان يطردنا بعيداً , كما انه لم يذكر شرنا و يقيمه ضدنا , بل اظهر طول اناة عظيم جداً و احتملنا حتى انه حمل نفسه ثقل خطايانا اذ بذل ابنه الوحيد كفدية لأجلنا , القدوس من أجل العُصاة , و الذى بلا لوم من أجل الأشرار , و البار من أجل الاّثمة , و غير الفاسد من أجل الفاسدين , و غير المائت من أجل المائتين , فأى شىء آخر كان يمكن أن يستر خطايانا سوى بره ؟ بأى شخص آخر كان يمكن تبريرنا نحن الأشرار و عديمى التقوى الا بشخص ابن الله الوحيد ؟ ما أجمل هذه المبادلة ! ما هذا الفعل الذى يفوق الفحص , يا للبركات التى تفوق التوقعات ! إن شر الكثيريين يوضع على بار واحد , و بر واحد يبرر عُصاة كثيريين !

لذلك اذ قد اقتنعنا فى الزمان السابق على مجىء المخلص ان طبيعتنا كانت عاجزة عن البلوغ الى الحياة , و الان اذ قد أعلن المخلص القادر أن ينقذ أولئك الذين كان من غير الممكن إنقاذهم فيما سبق . بهاتين الحقيقتين أراد هو أن يقودنا لكى نثق فى لطفه و صلاحه و لكى نعتبره مصدر حياتنا و آبانا و معلمنا و مرشدنا و شافينا و حكمتنا و نورنا و مجدنا و كرامتنا و قوتنا و حياتنا , حتى اننا لا نقلق او نهتم من جهة الملبس و المأكل.