aymonded
01-15-2009, 05:34 PM
أتى زائر للقديس أبا سيرابيون ( الفيومي ) مستعرضاً " حقارته " بملبسه وكلماته ، ولما طلب من ( الزائر ) كعادته أن يُصلي ، لم يقبل ، بل حطَّّ من قدر نفسه مُظهراً أنه كان متورطاً في بعض الآثام لدرجة أنه لا يستحق حتى أن يستنشق الهواء المباح للجميع ، كما أنه رفض حتى أن يجلس على الحصيرة وفضَّل أن يجلس على الأرض العارية . كما أنه صدَّ أقل ميل أظهره أبا سيرابيون نحو غسل أقدامه ( وهي عادة كانت منتشرة للرهبان مع زائريهم ) .
ولما انتهى العشاء وجد أبا سيرابيون فرصة للحديث مع الضيف ن فبدأ بلطف يحثه على أن لا يطوف باطلاً بطياشة ومراوغة عقل في كل مكان بطريقة غامضة ، ولاسيما لحداثة سنَّه وعنفوان شبابه ، بل أن يلزم قلايته حسب تدبير الشيوخ ، وأن يختار أن يعيش من تعب يديه بدلاً من أن يعيش على عطايا الآخرين ... : " أنتم تعلمون أن حاجاتي وحاجات الذين معي خَدَمتهما هاتان اليدان " ( أع 20: 34 ) .
فلما سمع الأخ ذلك امتلأ بالغيظ والاشمئزاز لدرجة أنه لم يستطع أن يخفي بنظراته الضيق الذي شعر به في قلبه ,.
فقال له الشيخ : لقد ثقَّلت نفسك يا أبني بحمل جميع الآثام ، ولم تخف لئلا باعترافك بمثل هذه الخطايا الشنيعة تلحق بسمعتك الخزي والعار ، والآن أنا أسأل : كيف إذاً عندما قدمت لك نصحاً بسيطاً ليس فيه أي توبيخ أو انتهار ، بل أظهرت فيه ببساطة وشعوراً بمحبتي لك وتعليمك ، أرى أنك انفعلت باشمئزاز لدرجة أنك لم تستطع أن تُخفي انفعالك بنظراتك أو تحجبه ولو بهدوء ظاهري !؟ وربما عندما كنت تُواضع نفسك ( أي تضع شكلاً ) كنت تأمُل أن تسمع من أفواهنا هذا القول :
" الإنسان البار يدين نفسه في بداية حديثه " ( أم 18: 17 حسب الترجمة السبعينية ) .
إن ما ينبغي الاحتفاظ به هو اتضاع القلب الحقيقي ، والذي لا يتأتى من حركات التواضع الجسدية أو بالكلام ، بل من الاتضاع الداخلي للنفس ، وهذا سيشع حينئذ بحلم ( طول أناة واتضاع ) له أدلة واضحة عندما لا يتباهى الإنسان باتهام نفسه بالخطايا التي لن يصدقها أحد ، بل إنه عندما يدينه عليها آخر بقسوة لا ينشغل فكره بذلك ، وعندما يحتمل برباطة جأش وطول روح ألخطاء التي نُسبت إليه .
عن حكمة آباء الرهبنة في مصر
مأخوذة باختصار عن مجلة مرقس
عدد مارس 1983 - صفحة 22
ولما انتهى العشاء وجد أبا سيرابيون فرصة للحديث مع الضيف ن فبدأ بلطف يحثه على أن لا يطوف باطلاً بطياشة ومراوغة عقل في كل مكان بطريقة غامضة ، ولاسيما لحداثة سنَّه وعنفوان شبابه ، بل أن يلزم قلايته حسب تدبير الشيوخ ، وأن يختار أن يعيش من تعب يديه بدلاً من أن يعيش على عطايا الآخرين ... : " أنتم تعلمون أن حاجاتي وحاجات الذين معي خَدَمتهما هاتان اليدان " ( أع 20: 34 ) .
فلما سمع الأخ ذلك امتلأ بالغيظ والاشمئزاز لدرجة أنه لم يستطع أن يخفي بنظراته الضيق الذي شعر به في قلبه ,.
فقال له الشيخ : لقد ثقَّلت نفسك يا أبني بحمل جميع الآثام ، ولم تخف لئلا باعترافك بمثل هذه الخطايا الشنيعة تلحق بسمعتك الخزي والعار ، والآن أنا أسأل : كيف إذاً عندما قدمت لك نصحاً بسيطاً ليس فيه أي توبيخ أو انتهار ، بل أظهرت فيه ببساطة وشعوراً بمحبتي لك وتعليمك ، أرى أنك انفعلت باشمئزاز لدرجة أنك لم تستطع أن تُخفي انفعالك بنظراتك أو تحجبه ولو بهدوء ظاهري !؟ وربما عندما كنت تُواضع نفسك ( أي تضع شكلاً ) كنت تأمُل أن تسمع من أفواهنا هذا القول :
" الإنسان البار يدين نفسه في بداية حديثه " ( أم 18: 17 حسب الترجمة السبعينية ) .
إن ما ينبغي الاحتفاظ به هو اتضاع القلب الحقيقي ، والذي لا يتأتى من حركات التواضع الجسدية أو بالكلام ، بل من الاتضاع الداخلي للنفس ، وهذا سيشع حينئذ بحلم ( طول أناة واتضاع ) له أدلة واضحة عندما لا يتباهى الإنسان باتهام نفسه بالخطايا التي لن يصدقها أحد ، بل إنه عندما يدينه عليها آخر بقسوة لا ينشغل فكره بذلك ، وعندما يحتمل برباطة جأش وطول روح ألخطاء التي نُسبت إليه .
عن حكمة آباء الرهبنة في مصر
مأخوذة باختصار عن مجلة مرقس
عدد مارس 1983 - صفحة 22