aymonded
05-22-2009, 05:54 PM
وثائق تاريخية – تابع الرسالة السابعة (ج2)
رسائل بيلاطس البنطي إلى سينيكا الفيلسوف الروماني
هزيمة بيلاطس (1)
لرجوع للجزء السابق أضغط هنـــــــــــــــــا (http://www.orsozox.com/forums/f164/t29860/)
والآن يا أحكم الفلاسفة خبَّرني ... ماذا تظنهم فعلوا !!؟ .. ارتعدوا !!؟
كلا لم يرتعدوا أمام بريق السيوف الرومانية وصليلها ، ولم يولوا الأدبار ، لا بل ولم تبدُ عليهم أي بادرة من بوادر الاضطراب أو الاهتزاز .
صحيح كان للمفاجأة وقعها في البداية لكن واحداً من قادتهم كان في المقدمة قريباً مني ، هذا جاء وركع عند قدمي أحد جنودنا واضعاً رقبته تحت سيفه وهو يصيح : " الموت أهون علينا من الاستسلام " .
كان هذا ما قاله بالآرامية كما عرفت فيما بعد ، وعلى الفور حذا حذوه كل أفراد الشعب وكذلك الكهنة ، وكانوا جميعاً يتقدمون صفاً وراء آخر ، ومجموعة بعد الأخرى ، وقدموا رقابهم معلنين استعدادهم لتقبل الموت ، وكنت ترى الآلاف منهم كل واحد ينتظر دوره ، وكان منظراً مضحكاً حقاً .
ومع أنه كان يسرني كثيراً أن اقطع رقابهم أجمعين ، لكن المقصود كن إرهابهم فقط مع تفادي وقوع أية إصابة ، وما هي إلا بضع ثواني حتى أشرت لرؤساء الكهنة لكي يتبعوني لتشاور معاً في الأمر ، وقد طرحت جنباً مسألة الكرامة الشخصية التي حاولت التمسك بها في البداية . ثم أخبرتهم بأني تأثرت كثيراً جداً بإخلاصهم لدينهم وتمسكهم به إلى حد قبول التضحية بالنفس في سبيله ، ولم أكن مبالغاً في هذا القول ...
كما أخبرتهم أيضاً أن التزام الهدوء وعدم مواجهتهم العنف بالعنف قد ضاعف تأثيري هذا ، فشكرني رؤساء الكهنة على ما أبديته من شعور ، وخرج قيافا ونقل للجماهير كل أقوالي بنصها وفصها ، ثم أضاف أنه يجب عليهم أن يثقوا بي وبكهنتهم ويعودوا إلى ديارهم .
وسرعان ما تحولوا إلى إنشاد تراتيلهم الدينية ، ورفع الصلوات والابتهالات ليهوه إلههم لكي يحقق لهم مطالبهم ، وظلوا على هذه الحال يوماً كاملاً عادوا بعده إلى ديارهم .
لكن ترى ماذا سيحدث لو عاملتهم مستقبلاً بأسلوب غير هذا ، وماذا يحدث لو أن القيصر لجأ إلى العنف وسير جيوشه لردعهم إذا ما ألقى المتعصبون بكل ثقلهم في المواجهة !؟ لو أن هذا حدث هل ينقذهم يهوه عندئذ !!؟
عندما تصل هذه الأخبار إلى روما أرجو أن تتولى أنت وباقي الأصدقاء نقل صورة طيبة عنها إلى القيصر ، فلم يكن لي من هدف غير تكريم القيصر وصورته بوضعها فوق القلعة طوال الأسبوع المنصرم .
والآن أنا في انتظار الواعظ يوحنا وسوف يقبض عليه ماركيوس ويودعه السجن ، ثم بعد هذا سيقتله بحد السيف ، وإن ظنوا أن هزيمتي أمامهم في موضوع الصور إيذان بعهدهم الجديد ، فإني على الأقل سأحرم أبناءهم من دخول هذا العهد والتمتع به .
كم أتمنى أن أكون في مجلسك أصغي إليك وأنت تتلو آخر مادبجته ببراعتك من تراجيديات ، وأتمتع بما تزخر به من عواطف جياشة ، كما أتمنى لو أنك كنت حاضراً هنا أيها العزيز لتنقل لهؤلاء المعاندين شيئاً من مشاعرك النبيلة ، ثم لتتسلى بمشاهدة مهزلتهم الساخرة .
___________
(1) رجاء مراجعة الجزء الأول من الرسالة لمتابعة الأحداث
رسائل بيلاطس البنطي إلى سينيكا الفيلسوف الروماني
هزيمة بيلاطس (1)
لرجوع للجزء السابق أضغط هنـــــــــــــــــا (http://www.orsozox.com/forums/f164/t29860/)
والآن يا أحكم الفلاسفة خبَّرني ... ماذا تظنهم فعلوا !!؟ .. ارتعدوا !!؟
كلا لم يرتعدوا أمام بريق السيوف الرومانية وصليلها ، ولم يولوا الأدبار ، لا بل ولم تبدُ عليهم أي بادرة من بوادر الاضطراب أو الاهتزاز .
صحيح كان للمفاجأة وقعها في البداية لكن واحداً من قادتهم كان في المقدمة قريباً مني ، هذا جاء وركع عند قدمي أحد جنودنا واضعاً رقبته تحت سيفه وهو يصيح : " الموت أهون علينا من الاستسلام " .
كان هذا ما قاله بالآرامية كما عرفت فيما بعد ، وعلى الفور حذا حذوه كل أفراد الشعب وكذلك الكهنة ، وكانوا جميعاً يتقدمون صفاً وراء آخر ، ومجموعة بعد الأخرى ، وقدموا رقابهم معلنين استعدادهم لتقبل الموت ، وكنت ترى الآلاف منهم كل واحد ينتظر دوره ، وكان منظراً مضحكاً حقاً .
ومع أنه كان يسرني كثيراً أن اقطع رقابهم أجمعين ، لكن المقصود كن إرهابهم فقط مع تفادي وقوع أية إصابة ، وما هي إلا بضع ثواني حتى أشرت لرؤساء الكهنة لكي يتبعوني لتشاور معاً في الأمر ، وقد طرحت جنباً مسألة الكرامة الشخصية التي حاولت التمسك بها في البداية . ثم أخبرتهم بأني تأثرت كثيراً جداً بإخلاصهم لدينهم وتمسكهم به إلى حد قبول التضحية بالنفس في سبيله ، ولم أكن مبالغاً في هذا القول ...
كما أخبرتهم أيضاً أن التزام الهدوء وعدم مواجهتهم العنف بالعنف قد ضاعف تأثيري هذا ، فشكرني رؤساء الكهنة على ما أبديته من شعور ، وخرج قيافا ونقل للجماهير كل أقوالي بنصها وفصها ، ثم أضاف أنه يجب عليهم أن يثقوا بي وبكهنتهم ويعودوا إلى ديارهم .
وسرعان ما تحولوا إلى إنشاد تراتيلهم الدينية ، ورفع الصلوات والابتهالات ليهوه إلههم لكي يحقق لهم مطالبهم ، وظلوا على هذه الحال يوماً كاملاً عادوا بعده إلى ديارهم .
لكن ترى ماذا سيحدث لو عاملتهم مستقبلاً بأسلوب غير هذا ، وماذا يحدث لو أن القيصر لجأ إلى العنف وسير جيوشه لردعهم إذا ما ألقى المتعصبون بكل ثقلهم في المواجهة !؟ لو أن هذا حدث هل ينقذهم يهوه عندئذ !!؟
عندما تصل هذه الأخبار إلى روما أرجو أن تتولى أنت وباقي الأصدقاء نقل صورة طيبة عنها إلى القيصر ، فلم يكن لي من هدف غير تكريم القيصر وصورته بوضعها فوق القلعة طوال الأسبوع المنصرم .
والآن أنا في انتظار الواعظ يوحنا وسوف يقبض عليه ماركيوس ويودعه السجن ، ثم بعد هذا سيقتله بحد السيف ، وإن ظنوا أن هزيمتي أمامهم في موضوع الصور إيذان بعهدهم الجديد ، فإني على الأقل سأحرم أبناءهم من دخول هذا العهد والتمتع به .
كم أتمنى أن أكون في مجلسك أصغي إليك وأنت تتلو آخر مادبجته ببراعتك من تراجيديات ، وأتمتع بما تزخر به من عواطف جياشة ، كما أتمنى لو أنك كنت حاضراً هنا أيها العزيز لتنقل لهؤلاء المعاندين شيئاً من مشاعرك النبيلة ، ثم لتتسلى بمشاهدة مهزلتهم الساخرة .
___________
(1) رجاء مراجعة الجزء الأول من الرسالة لمتابعة الأحداث