المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : روعة الألحان الكنسية وسرّ اصالتها اللاهوتية - معجزة عظيمة عن صدق


aymonded
07-24-2009, 08:26 AM
روعة الألحان الكنسية

" مُكلمين بعضكم بعضاً بمزامير وتسابيح وأغاني روحية
مترنمين ومُرتلين في قلوبكم للرب " ( أفسس 19 : 5 )




الألحان الكنسية تتميز في أنها لا تخضع للضبط الموسيقي الآلي ، فالمُلحن الكنسي منذ القرون الأولى لا يرتبط بأصول الأوزان والقواعد الموسيقية ، لأن الكنيسة على مر التاريخ الآبائي كله لم يكن هدفها أن تضع منظومة موسيقية لتعجب المستمعين أو لتصير ذات شهرة وإعجاب من الجماهير ، أو ينشدها الناس لتريح أنفسهم وتهدئها ... الخ ...

فالملّحن الكنسي مرتبط بمعنى اللحن الروحي ويصوره بإحساسه الروحي واللاهوتي ، والهزات الصوتية في اللحن لا تخضع لمجرد قانون صوتي أو دقة الأداء على قدر الخضوع للإحساس الروحي الأصيل والعميق على مستوى عمل الروح القدس في داخل القلب والبصيرة الإيمانية في القلب والاشتراك السماوي مع القديسين الملتفين حول الرب ، لذلك تنطلق الكلمات مُلَّحنة بكلمات تخرج كصلاة تسبيح من القلب ، كبخور عطر يعطر الكنيسة كلها بعطر نسائم الروح ...


لذلك نجد أن اللحن القبطي لا يحتاج إلى آلات موسيقيه لإظهار جماله أو لكي يؤثر في الآخرين ، بل أن نغماته الظاهرة في هزاته بدون مساعدة آلات موسيقية تؤثر بقوة وسلطان عجيب في القلب بقوة ، ولا عجب لأن كلماته ليست بالكلمات العادية ولا هزاته هزات عادية ، بل هي لاهوتيه سماوية على مستوى الروح في الجو السماوي معطر برائحة المسيح الزكية جداً ...



يا أحبائي لنعلم جيداً – عن خبرة أقول – أن اللحن في الكنيسة بكلماته الذاخرة بالعمق اللاهوتي هو بحد ذاته عبادة ، سواء كنا نقول اللحن بأفواهنا أو نسمعه ونشترك فيه بقلوبنا وصمت شفتينا ، وهذا العمق الروحي واللاهوتي على المستوى العملي والذي نُتممه بهدوء ظل مستمر منذ العصر الرسولي لهذا اليوم ، فهو جزء هام من التقليد الكنسي بل وأساسي فيه ، بل هو سرّ عميق كل من يدخل إليه بمهابة وبسرّ الشكر يتعرف على عمقه المتسع والذي يفوق في طياته أعظم المعجزات وأقواها سلطاناً ، وبعيني رأيت أناس تُشفى روحياً وتتأصل في حياة التوبة بعمق بسبب هذا الكنز السماوي الرائع ، وكم كنت أود أكتب خبرات كثيرة عملية على مستوى التوبة وتغيير القلب ، ولكن لا أقدر لكي لا أُطيل وأصيب القارئ بملل ...


أقول لكم سرّ عظيم : أن الذي يتعلّم سرّ التسبيح لا بالشفتين ولا كمجرد تعليم شكلي لكي يكون مجرد شماس ، بل يتعلم التسبيح بوعي قلبي ، بروح الكنيسة الأصيل ، يُعتبر خادم موهوب يحمل سرّ عظيم من أسرار الكنيسة ، وهو سرّ التسبيح لله الحي ، الذي هو عمل الملائكة في السماء أمام العرش الإلهي المجيد والمهوب جداً ...



فلندخل بمهابة عظيمة لبيعة الله ونقف باستقامة ومهابة وتقوى أمام عرش الله ، أمام المذبح المقدس ، حيث جسد ودم عمانوئيل إلهنا ، لننطق مع صفوف السمائيين بأفواه مقدسة ونخرج أصواتنا من قلوبنا بمشاعر روحية رافعين قلوبنا ، خاضعين لله ، ساجدين بالروح والحق أمامه بمخافة عظيمة وحب صادق بكل إخلاص وأمانة ، حتى نكون متشبهين بالملائكة منضمين مع صفوف القديسين الحاضرين معنا بالروح لنشترك في عبادة الله الواحد ببهجة سماوية لا تنحل أو تفتر ....



هل يشعر من يقرأ كلماتي بهذا السرّ العظيم ، أنا عن نفسي تهتز مشاعري وتبتهج روحي بالله مخلصي في هذا الجو السماوي الرائع الذي يحثني ويشدني ويشجعني على أصالة حياة التوبة ، ويحرك قلبي ويخرجني من كل برودة أشعرها ، ويرفعني من كل سقطة أو ضعف بشري ، وهذا سرّ أسلّمه لكم لكي تتذوقوا هذا العمق الأصيل لأنه معجزة عظيمة في حد ذاتها ، وأُشير على كل شماس وكل إنسان في الكنيسة مهما كان وضعه ، أن يدخل لهذا السرّ العظيم لا بصخب بل بهدوء وتقوى ومخافة الله بكل مهابة وسوف يرى عجائب لم يراها من قبل حينما لم يكن منتبهاً له ويدخل إليه بصخب وعدم اكتراث ، حقيقي هذا سرّ عظيم ....



وهبنا الله جميعاً انفتاح البصيرة على كنوز الكنيسة وندرك العمق اللاهوتي والروحي والزخم الآبائي الأصيل المخطوط لا بحبر وقلم إنما بنار الروح بكل تقوى حتى ننضم بسهولة وقوة للطغمات السماوية ، النعمة معكم يا أحباء يسوع والكنيسة