المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القديس إغناطيوس الرسولي (3) تابع من هم الآباء الرسوليون


aymonded
08-11-2009, 03:57 PM
إغناطيوس الإنطاكي ، وهو الأسقف الثاني في الترتيب لكنيسة أنطاكية ، وهو يُعتبر شخصية ليس لها مثيل ، وقد حُكم عليه خلال حكم الإمبراطور " تراجان " ( 98 – 117 م ) بأن تلتهمه الوحوش الكاسرة . وقد نُقل من سوريا إلى روما لكي ينال الشهادة . وفي طريقه إلى استشهاده كتب سبع رسائل ، وهو الميراث العظيم والوحيد الذي تركه لنا شاهداً على أتعابه وحبه العظيم لملكنا يسوع المسيح وافتخاره وفرحه بالآلام من أجل مخلصنا الصلح ، معلمنا كيف يكون الحب وثقة الإيمان المرتفع على مستوى الشهادة بكل إصرار وعزم لأنه ربح الواحد الوحيد الذي يحبه على مستوى الفعل والقول ...

ومن هذه الرسائل خمسة رسائل وُجَّهت إلى الجماعات المسيحية في أفسس ومغنيسيا وترال وفيلادلفيا وسميرنا ، وهي المدن التي بعثت له رداً على رسائله العطرة لتحيته بينما كان يعبر أراضيها في طريقه لينال أكليل الشهادة بروما . وقد وجَّه رسالة أخرى إلى أسقف سميرنا القديس بوليكاربوس . وأهم هذه الرسائل هي تلك التي بعث بها إلى كنيسة روما . وفيها شكر هذه الكنائس على دلائل التعاطف معه في مصيره ، ثم حثهم على الطاعة لقادتهم الكنسيين ، وحذرهم من معتقدات الهراطقة .

ومن نفس المدينة " سميرنا " أرسل تحيته إلى كنيسة روما متوسلاً إليهم ألاَّ يتخذوا أية إجراءات من شأنها أن تعوقه عن رغبته الحارة في أن يموت لأجل المسيح ، لأن الموت من أجل المسيح هو بداية الحياة الحقيقية ، غذ يقول بقلمه في رسالته جملة في منتهى الروعة ، يسعدني جداً أن أكتبها لأنها حقيقي فرح قلبي وسعادة كل من يحب الله فعلاً ، يقول :
[ ما أمجد أن يكون المرء شمساً تغرب في العالم ، لتُشرق عند الله ] ( الرسالة إلى روما 2 : 2 )

[ إنني أخشى يسبب حبكم لي أذى ، إذ لن تُتاح لي الفرصة مرة أخرى لأدخل في ملكية الله . أنا حنطة اله ، ولا بد أن أُطحن بأسنان الحيوانات المفترسة حتى أصير خُبزاً طاهراً للمسيح ] ( الرسالة إلى روما )

ومن ترواس أرسل رسالة إلى فيلادلفيا وسميرنا ، وكذلك رسالة للقديس بوليكاربوس ، والخط العريض في هذه الرسائل هو تضمنها التوسلات الشديدة من أجل وحدة الإيمان والذبيحة ، وتحث على الترابط المتين مع الأسقف المُعَيَّن لإرشادهم . أما الرسالة للقديس بوليكاربوس فهي تتضمن بالإضافة إلى ذلك توجيهات خصوصية عن تدبير الخدمة الأسقفية ، وهو يقدم له المشورة قائلاً :
[ كن راسخاً كسنديان تحت المطرقة . المصارع القوي يتلقى اللكمات ومع ذلك يربح المباراة ] ( الرسالة إلى بوليكاربوس 3 )
عموماً إن هذه الرسائل تزخر بالحكمة والمعرفة وبإدراك تام بأصول المسيحية . لقد انفتحت ينابيع قلبه – وهو مثبت وجهه لينطلق إلى روما – انفتحت على مصراعيها . وكان تدفق نصائحه وإرشاداته وإلهامه تدفقاً جباراً ، ويستطيع الكاهن والأسقف أو اللاهوتي أو الكارز أو المؤرخ أو الخادم أو الإنسان المسيحي عموماً أن يقرأ هذه الكتابات الرائعة والتي فيها كل نسائم روح الحياة ، ولأول وهلة ، ليكتشف فيها مادة غزيرة لاهتمامه ، ولننظر لمثل هذه الأقوال الرائعة والتي تعتبر ذهبية بكل ما في الكلمة من معنى :

[ ليست كل الجروح تبرأ بدواءٍ واحد ]
[ تعقَّلوا باعتباركم مصارعين لله . والمكافأة المعروضة أمامكم هي الخلود والحياة الأبدية ، وهذا يُعزيكم ]
ولنصغي بشدة لملخص تعاليمه بقلمه الخاص :
[ أثبتوا أيها الإخوة في إيمان يسوع المسيح ، وفي محبته ، وفي آلامه وفي قيامته . التئموا معاً جميعاً سواء في شركة أو على انفراد ، بواسطة النعمة ، في إيمان واحد بالله الآب وبابنه الحبيب يسوع المسيح بكر كل خليقة ، ولكن من نسل داود بالجسد . خاضعين تحت إرشاد المُعزَّي ، وفي طاعة للأسقف ومجمع القسوس ، بذهن غير منقسم ، مقسمين نفس الخبز الواحد الذي هو ترياق الخلود ، والمصل المضاد للموت حتى نحيا في الله بواسطة يسوع المسيح ]
عموماً سوف نستمتع بكل هذه الرسائل بكتابتها قريباً جداً على صفحات المنتدى ، وسوف ترون أنها رسائل في منتهى الروعة والعمق والحب العظيم ...

استشهد القديس إغناطيوس في روما 21 ديسمبر 107م . وكان قد بلغ من العمر 80 عاماً . بركة صلواته تكون معنا جميعا آمين

__________
أنظر دراسات في آباء الكنيسة – إعداد أحد رهبان برية القديس مقاريوس – الطبعة الثانية فبراير 2000 –ص 56 - 58