المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أؤمن بإله واحد - (2) شرح قانون الإيمان كيرلس الأورشليمي


aymonded
09-01-2009, 10:22 AM
في وحدانية الله : " أؤمن بإله واحد "

شرح قانون الإيمان للقديس كيرلس الأورشليمي

تابع : للآب والابن مجدٍ واحد – الله فوق كل إدراك (2)

( الطبيعة تفوق إدراك الإنسان – الله يسمو على الملائكة فكيف لا يسمو على الإنسان )
للعودة للجزء السابق أضغط هنــــــــــــــا (http://www.orsozox.com/forums/f162/t38567/)




إذا حاول أحد أن يتحدث عن ما يخص الله ، فليتحدث أولاً عن حدود الأرض . أنت تسكن الأرض ولا تعرف حدودها ، فمن أين لك أن تعرف بجدارة صانعها ؟ أنت ترى كواكب ، ولكنك لا ترى خالقها . أحصي عدد ما تراه . وعندئذ يُمكنك أن تُفسر ما لا تراه ، " ذلك الذي يُحصي عدد الكواكب ويدعو كلها بأسمائها " ( مز 146 : 4 ) . لق هطلت أخيراً أمطار غزيرة وتلاشت قطراتها بأقل من لمح البصر ، فاحصي إذا استطعت القطرات التي سقطت على المدينة ، وأنا لا أقول على المدينة ، بل على سطح منزلك لمدة ساعة . أحصها أن استطعت . وإن لم تستطع اعترف بضعفك ، واعترف كذلك بقدرة الله ، لأنه " يُحصي قطرات المطر " ( أيوب 36 : 27 ) التي سقطت على الأرض ، ليس الآن فقط بل وفي الأزمنة كلها . الشمس من صُنع الله وهي كبيرة ، ولكنها إذا قورنت بالكون تبدو صغيرة للغاية . فحاول أن تُدرك الشمس أولاً ، ثم ابحث في أمور الرب . " لا تطلب ما يُعييك نيله ولا تبحث عن ما يتجاوز قدرتك ، لكن ما أمرك الله به ، فيه تأمل " ( سيراخ 3 : 22 – 23 )

وربَّ معترض يقول : إذا كانت الطبيعة الإلهية لا يُمكن إدراكها ، فلماذا تتحدث عنها ؟
فهل لأني لا أستطيع أن أشرب النهر كله ، ألا يُمكنني أن آخذ منه حاجتي ؟ ، وهل لأنه ليس في سعة العيون كلها استيعاب الشمس كلها ، ألا أستطيع أن أنظر إليها ما فيه الكفاية لفائدتي الخاصة ؟ وإذا دخلت حديقة عظيمة ولم أقدر أن آكل من كل ثمارها ، فهل تريد أن أخرج منها جائعاً ؟
إذن لأسبّح خالقنا وأمجده ، لأن هذه الكلمة الإلهية أمر : " كل نسمة فلتسبح الرب " ( مز 150 : 6 ) ، وأنا أسعى الآن إلى تسبيح الرب لا إلى تفسيره . وبما أني أعلم أني لا أستطيع أن أفيه حقه من التسبيح ، فأنا أبذل ما في وسعي للقيام بعمل التقوى هذا ، لأن الرب يسوع يُعزيني عن ضعفي عندما يقول : " الله لم يَرَهُ أحدٌ قط " ( يو 1 : 18 )

وربّ معترض يقول : ماذا إذن ؟ ألم يُكتب : " أن ملائكة الصغار في السماوات يشاهدون وجه أبي الذي في السماوات ؟ " ( مت 18 : 10 ) .
أجل ، أن الملائكة ترى الله ، ولكن ليس كما هو ، بل بحسب ما في وسعها ، إذ يسوع ذاته يقول : " ليس إن أحداً رأى الآب إلا الذي من الله هذا قد رأى الآب " ( يو 6 : 46 ) .
إن الملائكة ترى إذن بحسب ما في وسعها ، ورؤساء الملائكة يرون بحسب ما في قدرتهم ، والعروش والسلاطين يرو أحسن من السابقين ، ولكن لا كما ينبغي . والوحيد الذي يُمكن أن يراه كما ينبغي – فيما عدا الابن – هو الروح القدس ، " لأنه يفحص كل شيء ويعرف حتى أعماق الله " ( 1كو 11 : 10 ) . وكما أن الابن الوحيد يعرف الآب كما ينبغي ، كذلك يعرفه الروح القدس ، إذ يقول يسوع : " ما من أحد يعرف الآب إلا الابن ، ومن شاء الابن يكشف له " ( مت 11 : 27 ) . إنه يرى الله كما ينبغي ويكشف عنه مع الروح القدس ، وبالروح القدس ، بحسب قدرة كل واحد . وبما أن الابن الوحيد يشترك في لاهوت الآب مع الروح القدس ، فهو الذي وُلِدَ منذ الأزل بعيداً عن كل هوى ( 2 تي 1 : 9 ) ، يعرف والده ويعرف الآب مولوده . الملائكة لا يعرفونه ( لأن الابن الوحيد يكشف عنه مع الروح القدس وبواسطته ، بحسب قدرة كل واحد كما قلنا ذلك ) . فلا يخجل الإنسان إذن بالاعتراف بجهله . أنا اتكلم الآن ، والجميع يتكلمون كل في حينه ، أما كيفية الكلام فلا أعرفها . فمن أين لي أن أفسر ذاك الذي وهبني الكلام نفسه ؟ أنا الذي أملك روحاً لا أستطيع أن أصف كل مميزاتها ، فمن أين لي أن أفسر ذلك الذي أعطاني النفس ؟


عظات القديس كيرلس الأورشليمي - تعريب الأب جورج نصور 1976

عن سلسلة النصوص الليتوُرجيّة - أقدم النصوص المسيحية

العظة السادسة في وحدانية الله فقرة 4 – 6 ؛ ص 90 - 93