المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مشكلة الإنسان ( من خلال علاقة الله والإنسان )


aymonded
09-18-2009, 09:55 PM
مشكلة الإنسان
من خلال علاقة الله والإنسان



منذ البدء وفي اول إصحاح في الكتاب المقدس أُعلن لنا أن أصل الوجود الإنساني هو الله، لأن الله هو المصدر الذي أفاض على الإنسان نعمة الوجود، والله لم يعطي الإنسان مجرد وجود، بل أعطاه أن يكون صورة له ليصير وجوده مستمد منه كأساس حياته واستمرارية وجوده إلى الأبد، فالله هو الأصل والإنسان هو الصورة ...

والله بالنسبة للإنسان أصبح أب، وقوة الحياة تسري في كيان الإنسان الذي هو صورة الله والذي هو ابناً له، فعلاقة الإنسان بالله هي علاقة وجود وحياة دائمة، فلا وجود للإنسان بدون الله، وكما أن الإنسان لا يقدر أن يحيا بلا أكسجين، فهكذا مستحيل أن يحقق وجوده الإنساني إلا بالله وحده ووحده فقط !!!

والإنسان مخلوق على صورة حرية الله المحبة، لأن الله كأب محب خلق محبوبة الإنسان على صورته ومثاله وأعطاه الحرية في الاختيار، لذلك يستطيع الإنسان أن يحيا بكامل حرية اختياره في عزلة تامة عن الله. وهذه العزلة تحوَّل الإنسان من شخص حرّ يستمد وجوده الطبيعي من الله إلى شخص يسود عليه طبيعة الفساد ويسري عليه قانون الموت الذي يجعله يشعر بالاضطراب والقلق والكآبة، لأنه خرج عن كونه صورة تعكس بهاء مجد الله إلى صورة مشوهة تعكس الفساد ويفيح منها رائحة الموت، وهذه هي الخطية التي تفيض في الإنسان رائحة عفونة الموت !!!

فللخطية قانونها الذي يخص طبيعتها ، وقانون الخطية هو قانون القهر والمذلة، ومصدر قوتها هو الفساد وسلطانها هو الموت، ومن طبع تسلطها فقدان الرجاء أن سادت بكامل سلطانها على الإنسان وسكنت كل أعضاؤه !!!

فالخطية هي تجاوز الحرية والانفلات من محضر الله مصدر وجود الإنسان وحياته، وهذا التجاوز قد جعل الإنسان يُستعبد تحت سلطان الموت ومن ثمَّ يعود مرة أخرى لما أُخذ منه وهو تراب الأرض أي العدم، لأن قبل أن يُخلق لم يكن له وجود، وأساس وجوده هو محبة الله مصدر وجوده الحقيقي، والخروج من محضر الله أو اختيار ما هو غير الله، يجعل الإنسان يخرج عن روح الحياة وسلطان الحرية ليدخل تحت سلطان آخر هو عبودية مزلة الموت !!!

ولكن الله محب البشر كطبيب حقيقي ومصدر وجود الإنسان عالج موته وأزال آثار الخطية وبدل الطبيعة الساقطة المائتة إلى حياة جديدة بتجسد الكلمة وموته المُحيي، وهذا الخلاص العظيم [ هو بشارة محبة أُعطيت بفرح وحرية للإنسان ] ( أنظر توما الأكويني الخلاصة اللاهوتية سؤال 104 فقرة 82 )

أعلن لنا الله في ملئ الزمان من خلال تجسد الكلمة محبته الكبرى الفائقة [ ولكن الله بين (أظهر وأعلن وكشف) محبته لنا لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا ] (رو 5 : 8)، لأنه في الابن الوحيد كشف عن حقيقة حياته الإلهية. وبالروح القدس وهبنا أن نستوعب غنى مجد أسراره المُحيية لتسري فينا حياته وننفك من سلطان الخطية والموت لندخل في مجال حرية مجد أولاد الله [ لأن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد أعتقني من ناموس الخطية والموت ] (رو 8 : 2)...

الله الواحد الثالوث الذي لا ينقسم أو يتعدد لأنه غير خاضع لعدد واحد أو ثلاثة فهو يعلن حقيقة المحبة في المسيح التي تعطي دون أن تسود، وتبذل دون أن تقهر أو تُستعبد أحداً، وتُحيي دون أن تُبيد، وتحكم بعدل المحبة عوض قانون الحاكم والمحكوم. وسيظل نشيد القيامة يدوى في المسكونة كلها ليعلن قوة خلاص الله: " بالموت داس الموت " [ من يد الهاوية أفديهم من الموت أُخلصهم أين أوباؤك يا موت أين شوكتك يا هاوية تختفي الندامة عن عيني ] (هو 13 : 14)، [ أين شوكتك يا موت أين غلبتك يا هاوية ] (1كو 15 : 55)، فهذا هو نشيد إبادة قانون الفساد وتحرير الإنسان من سلطان الموت، وبالتالي من سلطان الخطية. وهذا مستحيل فهمه وإدراكه إلا من خلال المحبة الأزلية التي للآب والابن والروح القدس الثالوث القدوس المساوي الإله الواحد آمين