المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الثالوث القدوس وتدبير الخلاص - الجزء الثاني


aymonded
09-27-2010, 11:52 AM
الثالوث القدوس وتدبير الخلاص

للأب صفرونيوس
(2)


للعودة للجزء الأول أضغط هنــــــــــــــــــا (http://www.orsozox.com/forums/f138/t58703/)



4 – قد ذكرنا من قبل إن الله هو نور الحياة ، لأن الخالق هو واهب كل الأشياء وجودها وحياتها. ولكن إن كان الإنسان هو نور الحياة ، صارت الحياة مظلمة .
أمَّا الآن وقد صارت عتمة وظلال في كورة مصر – التي قبلت بشارة الإنجيل من مُعلمنا مرقس البشير – فقد ساد الظلام في دوائر وبيوت الغنوصيين ؛ لأنهم يدَّعون أن الخلاص هو بمعرفة الخير والشر ، وعبادة الله على هذا الأساس .

أمَّا نحن ، فإن الإنجيل – بشارة الحياة – يؤكد لنا أن معرفة الخير والشر مرت بمرحلة الطفولة التي ذكرها الرسول : " لما كنت طفلاً مثل طفل كنت أفهم " (راجع 1كور13: 11) ، وهي تحديد الخير والشر على أساس الشريعة الموسوية ، ولكن لما قال الرسول : " ولكن لما صرت رجلاً أبطلت ما للطفل " فقد جاء الكمال بالمسيح ، وهو الذي جعل معرفة الخير والشر من خلال معرفتنا بالثالوث القدوس ؛ لأننا لا نقبل الحلال والحرام كأساس للسلوك ، بل ما هو من المحبة والشركة كأساس للسلوك ؛ لأنه لهذا وضع الرب يسوع الكنيسة في العالم ، معطياً لها أن تكون أساس الخليقة الجديدة والبناء الروحي الكامل الذي فيه يجمع الكل معاً في وحدة هي وحدة جسد المسيح ، حسب كلمات التقوى : " وأنتم جسد المسيح وأعضاؤه كأفراد " (راجع 1كور12: 12) .

لندرك الذي لأجله أدركنا المسيح، وهو الوحدة، وهي لا يُمكن أن تُبنى على أساس التمييز بين الحلال والحرام، بل على أساس الحياة المشتركة ؛ لأن تجنب الشرّ لا يخلق الوحدة ، بل التآلف والاجتماع ، هو بالثالوث القدوس الذي يجعلنا واحداً .


5 – هكذا نرى ثاؤريا (1) التدبير:
- وحدة أساسها اتحاد اللاهوت بالناسوت في الرب الواحد .
- وشركة في الابن بسبب التجسد ، والمسحة في الأردن ، والصليب والقيامة ، والجلوس عن يمين الآب ، وحلول الروح القدس .

عندما نرى ثاؤريا التدبير ، فإننا ندرك منها أساسات الشركة ؛ لأن الرب يسوع المسيح "رئيس الحياة" ، أي مصدرها الوحيد ، الذي أظهر لنا الحياة الإنسانية بتجسده، وأعلن مجد الحياة الإلهية في أقنومه ، وأعلن شركته في الآب والروح القدس بالسلوك أي بالعمل، وبالتعليم، والمعجزات .

____________________
(1) الثاؤريا هي: الرؤية التأملية الداخلية – تأمل إدراكي ينتهي باكتشاف الحق ؛ فالثاؤريا أو التاورية في لغة الإنجيل ، يُعبَّر عنه بالتفاتة عقلية مستنيرة فيها يتواجه العقل مع حقيقة جديدة فائقة عن المعرفة العادية وعن الإدراك الطبيعي تُستعلن بالروح القدس ، والتأمل هنا لا يقصد به التفكير في آية أو في الإلهيات بالعقل لخروج مجرد إحساس أو أفكار شخصية حسب رأيي واستنتاجاتي الخاصة حسب ما سرحت وفكرت ، بل هو وسيلة إيمان عالية تُضيف خبرات وإدراكات روحية لم تكن موجودة سابقاً تفوق في قوتها ومسرتها كل خبرات وإدراكات العقل العادية ولا تحتاج لإثبات أو برهان لأن الله يُستعلن فيها لقلب الإنسان بنور فائق يُنير العينين ويفتح الذهن لمعرفة الكتب .


_____يتبع_____


من رسائل الأب صفرونيوس

الثالوث القدوس توحيد وشركة وحياة

تحت عنوان الثالوث القدوس وتدبير الخلاص

ص 143 – 144 فقرة 4 إلى فقرة 5