المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سلسلة دراسة الذبائح טֶבַח والتقديمات (23) ذبيحة الصليب في ضوء ذبائح العهد القديم


aymonded
10-01-2010, 09:03 AM
دراسة في الذبائح والتقدمات في الكتاب المقدس
الذبيحة טֶבַח – ط ب ح ؛ θυσίας σΦάζω
Sacrifice 166 – Sacrifices 142 – Sacrificing 12

23
4 - ذبيحة الصليب في ضوء ذبائح العهد القديم
مقدمة + [أ] الذبيحة كهبة
للرجوع للجزء السابق أضغط : هنـــــــــــــــا (http://www.orsozox.com/forums/f18/t58807/)




أولاً : مقدمــــــــــــــــة

سنقوم في هذا الجزء بتوضيح عمل ذبيحة المسيح له المجد !!!
وينبغي أن نعلم أنهُ لم يكن ممكناً بأي حال من الأحوال أن يوفي العهد القديم أو يُغطي ويوضح عمل ذبيحة المسيح يسوع بنوعٍ واحد من الذبائح ، أو في طقس واحد من الطقوس المتعددة التي نراها فيه ، وعلى الأخص في سفر اللاويين !

فذبيحة الصليب ، ذبيحة فريدة من نوعها ، وفي إمكانيتها ، لأنها متسعة جداً ، لأن الذبيح هو ابن الله القدوس الحي ، فكيف ممكن أن يُحد في ذبيحة أو طقس أو حتى يُحد في المعرفة أو الفهم ، فنحن لن نستطيع مهما أتينا بدراسة أن نحصر عمل الله ، ولكن على قدر طاقتنا وقامتنا سنشرح مجتهدين ، لكي ندخل في هذا السر العظيم ونتذوق عمق حلاوة خلاصنا بالخبرة ، لأن خبرة مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ ، هي قمة مشتهانا ومعرفتنا الحقيقية على ذبيحة ربنا يسوع لندخل لعمق خلاصنا لا كلام إنما كفعل وحياة !!!

عموماً نرى في سفر اللاويين 5 أنواع من الذبائح والتقدمات ، كل منها يُعلن عن جانب أو جوانب معينة من جوانب الصليب ويشرحها بدقة ، ومع هذا يُمكننا أن نقول بأن هذه الأنواع جميعها بطقوسها الطويلة والدقيقة والمتباينة ، قد عجزت عن كشف كل أسرار الصليب لنا ...

وقد قدم لنا العهد القديم – بترتيب وتنظيم إلهي فائق – رموزاً وتشبيهات وأحداث كثيرة جداُ عَبّر الأجيال ، لعلها تدخل بنا إلى أعماق جديدة لهذا السر العظيم والفائق لمداركنا ، وهو سرّ الصليب .

ويقول القديس أفرام السرياني : [ السرّ الذي كان الخلاص مزمعاً به ( أي يدل عليه ) ، وهو هرق دم الإله المتجسد الذي هو وحده إنسان بلا عيب ، بلا خطية ، سبق بذلك عليه وأُشار إليه برموز وأمثال ، حتى إذا جاء الخلاص الحقيقي بالذبيحة التي تقدر على خلاص الخطاة ، يعلم كل من يؤمن أن إليها كانت الإشارة والرموز ] ( عن تفسير سفر الأحبار ( اللاويين ) منسوب إلى القديس أفرام السرياني في المخطوطين : الماروني هونت 112 في مكتبة أكسفورد، والسرياني اليعقوبي 7/1 في مكتبة الشرفة )



عموماً الذبائح والتقدمات المذكورة في سفر اللاويين فهي :
1 – ذبيحة المحرقة [ إصحاح 1 ]
2 – تقدمة القربان [ إصحاح 2 ]
3 – ذبيحة السلامة [ إصحاح 3 ]
4 – ذبيحة الخطية [ إصحاح 4 ، إصحاح 5 : 1 – 13 ]
5 – ذبيحة الإثم [ إصحاح 5 : 14 إلى إصحاح 6 : 7 ]


+ ولابد من أن ننتبه لبعض الأشياء قبل أن نتحدث في أنواع الذبيحة ونربطها بصليب ربنا يسوع لنفهم ونستوعب سر عمل الله المتسع ، أي نفهم سر خلاصنا وندخل إليه لنعيشه ونحياه كخبرة في حياتنا ، لأنه ينبغي أن ننتبه لهذا الموضوع جداً ، لأن حينما شرعت في كتابته لم أقصد أن أكتب معلومات لمحبي المعرفة بالشيء ، ولكني كتبت الترتيب الإلهي لأكشف عن مقاصد الله المُعلنة في كلمته التي تعلمنا طريق الخلاص لنسير فيه ، ونبدأ السير في طريق خلاصنا بمعرفته بدقة حسب التعليم الإلهي ، وحينما نعرفه ونفهم مقاصد الله نبدأ السير فيه ونعي ما صنع ربنا يسوع لنا فنستفيد من ذبيحته ولاتكون لما معلومة إنما قوة حياة نحياها ، فنفرح بالخلاص العظيم الذي صنعه لنا ليكون لنا شركة معه وحياة أبدية لا تزول ...



[أ] - الذبيحة كهبة :
أولاً لابد أن ندرك أن الذبيحة ، هي هبة لا رجعة فيها ، وذلك لأنها تُذبح كما قلنا سابقاً [ وهذا يتضح لمن تابع الموضوع منذ بدايته ] ، فهي تُقدم لله بكمال الوعي والإدراك ، بحرية واختيار ، بكمال الإرادة الحرة ، بمعنى أن حينما تُقدم الذبيحة فمقدمها له الحرية أن يقدم أو لا يُقدم ، إنما بفرح محبة الله يقدم – بحرية إرادته واختياره – ذبيحة صحيحة ، كاملة بلا عيب ، كهبة مستحيل أن يفكر أن يردها أو يتراجع عن تقديمها ، بل يقدمها لتُذبح فلا تُرد ، وهي فيها إجلال وشكر مع طاعة واضحة ، طاعة واعية جداً لمشيئة الله ، وتعرف مسرته ...

وهذه الهبة حينما تُقدم بهذا المعنى ، تُنشئ مسرة ، لذلك كانت ذبيحة المحرقة حينما تقدم تُذبح وتحرق بالتمام ، فيشتمها الله للرضا والمسرة ...

وحينما نبحث عن ما يَسُرَّ الله ، نجد أن كل سروره في سماع صوته أي الطاعة ، لذلك تعتبر أول ذبيحة تُقدم لله هي المحرقة ، التي تدل على الطاعة الكاملة لله ( كما سوف نرى في شرح ذبيحة المحرقة بكل تفاصيلها وبدقة ) :
+ " بذبيحة و تقدمة لم تسر أذني فتحت محرقة و ذبيحة خطية لم تطلب ، حينئذ قلت هانذا جئت بدرج الكتاب مكتوب عني : أن افعل مشيئتك يا الهي سررت و شريعتك في وسط أحشائي " ( مز 40 : 6 – 8 )

ولننتبه للكلام هنا بدقة ، فآدم سقط بالعصيان ، حينما خالف وصية الله ولم يستمع لصوت الرب الذي نبهه لطريق الموت ، وطلب منه أن يختار الحياة ، فلم يسمع آدم وخالف الوصية ، وهكذا ظل الإنسان يعصى الله ولا يتمم مشيئته ولا إرادته ، وإلي اليوم – رغم أننا في العهد الجديد – لا زال الإنسان لا يسمع صوت الله ويطيع وصاياه أو حتى على الأقل يعلن احتياجه الروحي إليه ، ويطلب مشيئته ، ويرجع للرب ويتوب توبة حقيقية : [ ألستم تعلمون أن الذي تقدمون ذواتكم له عبيدا للطاعة ، أنتم عبيد للذي تطيعونه : إما للخطية للموت أو للطاعة للبر (رو 6 : 16) ]

ولأن الإنسان أصبح غير قادر أن يُرضي الله لأن أذنه لم تُفتح – بسبب قساوة القلب نتيجة العصيان الدائم – فلم يتعرف على صوت الله ولا مشيئته ، لذلك لم يعد بقادر أن يقدم طاعة ؛ لذلك أتى رب المجد يسوع لابساً جسم بشريتنا ليعطي لنا قوة الطاعة بتقديم ذاته ذبيحة محرقة ، فتنسم أبوه الصالح عند المساء [ وقت صلبه وموته ] رائحة سرور ورضا ...
[ لأنه كما بمعصية الإنسان الواحد جعل الكثيرون خطاة هكذا أيضاً بإطاعة الواحد سيجعل الكثيرون أبراراً (رو 5 : 19) ]


ومن هنا نقدر أن نفهم كل كلام الرب يسوع الذي قاله – وتعثر فيه الكثيرين – في جثسيماني ، وعن أنه ينبغي أن يتمم مشيئة الآب ويتمم عمله ، وأن يشرب الكأس ، وبخاصة الكلام الذي يظنه الناس أنه كان صراعاً مع الآب في قبول الكأس أو رفضها ، مع أنه يكشف حال البشرية ويفضح عدم طاعتها ، ويظهر طاعته الكاملة لمشيئة الآب وتتميم عمله بوضوح ، وذلك ليكون ظاهر لنا ، ويكون هذا هو لسان حالنا فيه ، حينما نستفيد من ذبيحته وندخل في سر تجسده باتحادنا به كما أعطانا ...

فتُقبل تقدمة أنفسنا فيه وتظهر طاعتنا به لمشيئة الآب ، فنصير فيه رائحة مسرة في ذبيحته الخاصة لأجلنا [ كما سوف نرى بأكثر دقة ووضوح ]


_____
للدخول على فهرس الموضوع للمتابعة
أضغط هنـــــــــــا (http://www.orsozox.com/forums/f18/t58481/)