المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شرح تجسد الابن الوحيد للقديس كيرلس (8) ما هو هذا الاتحاد [ بين اللاهوت والناسوت ] ؟


aymonded
10-28-2010, 03:50 PM
http://img234.imageshack.us/img234/8382/540if4.jpg
شرح تجسد الابن الوحيد
للقديس كيرلس الكبير – عامود الدين
عن مجموعة كتابات الآباء – مترجمة عن اللغة اليونانية
[8] ما هو هذا الاتحاد [ بين اللاهوت والناسوت ] ؟
للعودة للجزء السابق أضغط هنــــا (http://www.orsozox.com/forums/f162/t59942/)





8 – ما هو هذا الاتحاد [ بين اللاهوت والناسوت ] ؟

بطرق مختلفة يحدث اتحاد . فالبعض إذ يفترقون بسبب الاختلاف في الطبع والفكر يقال عنهم أنهم اتحدوا باتفاق الصداقة ، (وهذا يعني) ترك الأشياء التي اختلفوا عليها . وأحياناً نقول عن أشياء معينة أنها اتحدت عندما تجمعت معاً أو اتصلت بطرق مختلفة مثل وضعها معاً جنباً إلى جنب أو مزجها أو تركيبها .

لكن عندما نقول أن كلمة الله اتحد بطبيعتنا فأن كيفية هذا الاتحاد هي فوق فهم البشر . وهذا الاتحاد مختلف تماماً عن الأنواع الأخرى التي أشرنا إليها . فهو اتحاد لا يوصف وغير معروف لأي من الناس سوى الله وحده الذي يعرف كل شيء . وأي غرابة في أن يفوق ( اتحاد اللاهوت بالناسوت ) إدراك ( العقل ) ؟ فنحن عندما نبحث بدقة أمورنا ونحاول إدراك كنهها نعترف أنها تفوق مقدرة الفهم الذي فينا . فما هي كيفية اتحاد نفس الإنسان بجسده ؟ من يُمكنه أن يخبرنا ؟!!! ونحن بصعوبة نفهم وبقليل نتحدث عن اتحاد النفس بالجسد . لكن إذا طُلب منا أن نُحدد كيفية اتحاد اللاهوت بالناسوت وهو أمر يفوق كل فهم بل صعب جداً ، نقول أنه من اللائق أن نعتقد أن اتحاد اللاهوت بالناسوت في عمانوئيل هو مثل اتحاد نفس الإنسان بجسده – وهذا ليس خطأ – لأن الحق الذي نتحدث عنه هنا تعجز عن وصفه كلماتنا ، والنفس تجعل الأشياء التي للجسد هي لها رغم أنها ( النفس ) بطبيعتها لا تُشارك الجسد آلامه المادية الطبيعية أو الآلام التي تسببها للجسد الأشياء التي هي خارج الجسد . لأن الجسد عندما يتحرك مدفوعاً نحو رغباته الطبيعية ( الجسدية ) فأن النفس التي فيه تعرف هذه الرغبات بسبب اتحاد النفس بالجسد . لكنها ( النفس ) لا تُشارك الجسد رغباته ، ومع ذلك تعتبر أن تحقيق الرغبة هو تحقيق لرغباتها هي . فإذا ضُرب الجسد أو جُرح بالحديد مثلاً ، فأن النفس تحزن مع جسدها ، ولكن بطبيعتها لا تتألم بالآلام المادية التي تقع على الجسد [ ولنلاحظ في هذه الفقرة أن القديس كيرلس يستخدم هذا التشبيه لكي يؤكد أن اللاهوت لم يتألم عندما صُلب ربنا يسوع ولكن اللاهوت كان يعرف ماذا يحدث لجسده وسوف نرى في متابعه كلام القديس كيرلس أن كل التعبيرات قاصرة على التوضيح الدقيق ]


ومع هذا يلزم أن نقول أن الاتحاد في عمانوئيل هو أسمى من أن يُشبه باتحاد النفس بالجسد . لأن النفس المتحدة بجسدها تحزن مع جسدها وهذا حتمي ، حتى أنها عندما تقبل الهوان تتعلم كيف تخضع لطاعة الله . أما بخصوص الله الكلمة فأنه من الحماقة أن نقول أنه كان يشعر – بلاهوته – بالإهانات ، لأن اللاهوت لا يشعر بما نشعر به نحن البشر . وعندما اتحد بجسد له نفس عاقلة وتألم لم ينفعل – اللاهوت – بما تألم به ، لكنه كان يعرف ما يحدث له . وأباد كإله ضعفات الجسد ، رغم أنه جعلها ضعفاته هو فهي تخص جسده . لذلك ( بسبب الاتحاد ) قيل أنه عطش وتعب وتألم لأجلنا [ هنا يوضح القديس كيرلس أن المتألم هو ربنا الواحد ، وليس لاهوته ، ورغم أن الآلام تخص جسده إلا أنها تُنسب له كشخص واحد غير منقسم- فلا يجوز أن نقسم المسيح بعد الاتحاد للاهوت أو لناسوت ]


ولذلك فأن اتحاد الكلمة بطبيعتنا البشرية يُمكن على وجه ما أن يُقارن باتحاد النفس بالجسد ، لأنه كما أن الجسد من طبيعة مختلفة عن النفس ، لكن الإنسان واحد من أثنين ( النفس والجسد ) ، هكذا المسيح واحد من الأقنوم الكامل لله الكلمة ومن الناسوت الكامل ، والألوهة نفسها والناسوت نفسه في الواحد بعينه الأقنوم الواحد . وكما قلت أن الكلمة يجعل آلام جسده آلامه هو ، لأن الجسد هو جسده وليس جسد أحدٌ آخر سواه . هكذا يمنح الكلمة جسده كل ما يخص لاهوته من قوة ، حتى أن جسده قادر على أن يُقيم الموتى ويُبرئ المرضى .


وإذ يليق بنا في هذا المجال أن نستخرج تشابيه من الكتب الموحى بها من الله لكي نوضح بعدة أمثلة كيفية الاتحاد ، لذلك دعونا نتكلم من الكتب حسب طاقتنا .

_____يتبع_____