المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سلسلة دراسة الذبائح טֶבַח والتقديمات (45) الصليب ذبيحة طاعة - ختام ذبيحة المحرقة


aymonded
11-30-2010, 12:23 PM
دراسة في الذبائح والتقدمات في الكتاب المقدس
الذبيحة טֶבַח – ط ب ح ؛ θυσίας σΦάζω
Sacrifice 166 – Sacrifices 142 – Sacrificing 12

45
4 - ذبيحة الصليب في ضوء ذبائح العهد القديم
ثانياً : الخمسة أوجه من ذبيحة الصليب تابع [1] الوجه الأول من أوجه الصليب
ذبيحة المحرقة ( ذبيحة الطاعة ) - עלׇה

ὁλοκαύτωμα
المسيح يُقدم نفسه ذبيحة طاعة (3)
الجزء الأخير من شرح الذبيحة الأولى - ذبيحة المحرقة
الرجاء الرجوع للجزء السابق لفهم هذا الجزء جيداً أضغط : هنـــــــــــــــا (http://www.orsozox.com/forums/f18/t61107/)



+ عموماً جدير بنا الآن أن نخرج خارج المفهوم المعتاد عليه من جهة أن الصليب في نظرنا عملاً يختص بالخطية فقط ، ولكن يليق بنا الآن أن نكشف ناحية جديدة أُخرى فيه ، تختلف كل الاختلاف عن معنى الخطية : وهي هذه الطاعة العجيبة التي أكملها الابن نحو الآب ، وتكميل مشيئته تماماً ، كاشفاً بعمله الرائع عن نوع الصلة الخاصة التي ارتبط بها الابن بالآب ، والتي نلمح فيها حدوداً عميقة لمعنى البنوة ، فهو لم يأخذها اختطافاً ، ولا ادَّعاها ادعاء مبهماً ، ولكنه حقق واجبتها ووفها تماماً كابن حقيقي لله الآب فعلاً وقولاً وعملاً !!!

وهو بطاعته العميقة والمتسعة جداً ، كشف ضمناً عن بره الشخصي ، فالذي استطاع أن لا يعمل مشيئته قط بل مشيئة الله فقط كُلاً وجزءاً ، هذه التي أكملها بكل اتساعها ، قد أوضح بكل تأكيد أن له مثل ذات المشيئة عينها ، لأن مشيئته ومشيئة الآب يستحيل أن تتعارض أو تختلف ، لأنهما واحد في الجوهر ومشيئتهما تتفق طبيعياً ، مع انه أخلى ذاته متخلياً عن مشيئته طائعاً مشيئة من أرسله [ لكنه أخلى [ جرد ] نفسه آخذاً صورة عبد صائراً في شبه الناس إذ وجد في الهيئة كانسان وضع نفسه و أطاع حتى الموت موت الصليب ] (فيلبي 2 : 7 – 8) ، وبذلك يبرهن بغير لبس ولا إبهام على أنه هو والآب واحد [ أنا والآب واحد ] (يوحنا 10: 20)
لذلك كان صليب ربنا يسوع موضوع مسرة فائقة للآب القدوس ، وكما يقول القداس الإلهي في دورات البخور [ هذا الذي أصعد ذاته ذبيحة مقبولة (ذبيحة محرقة) على الصليب عن خلاص جنسنا ، فاشتمه أبوه الصالح وقت المساء على الجلجثة ] (رفع البخور – اعتراف الشعب)
هذه الوجه أتضح لنا جداً في طقس ذبيحة المحرقة ، التي هي أولى الذبائح ، والتي بدونها يستحيل على الإطلاق تقديم ذبيحة الخطية ولا ذبيحة الإثم ، بل ولا أي ذبيحة أخرى أو تقدمة ...

ومن وضعها في أول قائمة الذبائح ، أدركنا أنه لولا إرضاء الابن للآب وتقديم طاعته له حتى الموت ، ما أمكن قط أن يكون هناك مغفرة خطايا أو سلام للإنسان إطلاقاً ...
أي أنه لولا طاعة المسيح – له المجد – أولاً ، وتقديم نفسه كذبيحة محرقة ، ما أمكن أن يُقدم نفسه على الصليب كذبيحة خطية وتُقبل هذه الذبيحة .
لذلك لا نجد في ذبيحة المحرقة أي ذكر للخطية ، بل يدعوها الطقس [ محرقة وقود رائحة سرور (رائحة راحة) للرب (يهوه) ] (لاويين 1: 13)
وكما رأينا في لاويين 1: 3 [ يقدمه للرضا عنه أمام الرب ]

+++ فالمحرقة إذن ذبيحة مسرة ورضا أمام الله ، وهكذا كان الصليب أيضاً ، بل ويجب أن يكون كذلك في ذهننا ؛ فأول عمل أكمله المسيح اللوغوس المتجسد على الصليب هو تقديم نفسه ذبيحة محرقة في مسرة الطاعة ، إيفاءً لواجبات البنوة في التجسد !
إذن فقبل أن نطرح خطايانا على صليب رب المجد الله المتجسد ، يلزمنا – بالضرورة – أن نتقدم إليه في طاعة الشاه التي تُساق إلى الذبح . وقبل أن نعرف مشيئة الآب السماوي ، يلزمنا أن نخضع لها أولاً بسرور مهما كانت مُرة ، ومهما ما قادتنا حتى إلى الصليب والموت ...


فلنسمع ونصغي بالقلب لما يقوله حمل الله رافع خطية العالم : [ لهذا يحبُني الآب لأني أضع نفسي (الموت) [ τίθημι τήν ψυχήν – وتنطق هكذا tithemi ten psuchen – بمعنى lay down the life – am-laying-down the soul ] ، لآخذها أيضاً (القيامة) ] (يوحنا 10: 17) ، ثم يستدرك القول لئلا يتبادر للذهن أنه قَبِلَ الصليب عن اضطرار أو تغصُب : [ ليس أحد يأخذها مني بل أضعها أنا من ذاتي (أبذلها برضاي = حرية المسيح الرب المطلقة) ] (يوحنا 10: 18)


ولكن السؤال الهام لنا الآن : هل يُمكن أن ننال هذه الطاعة ، طاعة المحرقة أو طاعة الصليب كما أكملها المسيح الرب ؟
الجواب نجده واضحاً في طقس ذبيحة المحرقة إذ يقول الطقس بكل تدقيق : إن مُقدم ذبيحة المحرقة [ يضع يده على رأس المحرقة فيُرضى عليه ] (لاويين1: 4) ؛ وهنا وضع اليد يُهيئ لمُقدم الذبيحة أن يشترك في صفات الذبيحة ، وما لم يكن مُمكناً أن يعمله للرضا عنه (أي الاحتراق) يناله من تقديم الذبيحة لتُحرق عوضاً عنه ...

وهكذا نجد أن الإشارة واضحة وبليغة للغاية : أن من يؤمن حقيقي بذبيحة المسيح الرب الذي قدم ذاته ذبيحة طاعة ينال في المسيح طاعته لله الآب . بل وينال مع المسيح الرب رضا الآب عنه ، لأن الآب لا يرضى إلا بذبيحة الابن !!!
ونحن صرنا شركاء في ذبيحة الصليب ، لا بوضع اليد فقط – كما في العهد القديم – بل والقلب والإيمان الحي والصادق بذبيحة شخص المسيح اللوغوس المتجسد ابن الله الحي : [ مع المسيح صُلبت ] (غلاطية 2: 20)

شكراً لله بالمسيح يسوع ، إذ قد صرنا بدم المسيح الرب رائحة مقبولة لدى الله الآب [ ولكن شكراً لله الذي يقودنا في موكب نصرته في المسيح كل حين ويُظهر بنا رائحة معرفته في كل مكان ، لأننا رائحة المسيح الذكية لله – εὐωδία – a sweet smell ] (2كورنثوس 2: 14و 15)
لقد صرنا فعلاً موضع رضا ومسرة ، آخذين في أنفسنا – بالإيمان – ثمرة ذبيحة محرقة المسيح على الصليب !!

وما هي ثمرة ذبيحة المحرقة ؟
يُحددها الطقس بوضوح – في العهد القديم : [ يضع يده على راس المحرقة فيُرضى عليه للتكفير عنه ] ، فالرضا يُقدمنا للكفارة ، والكفارة تُقدمنا لاستحقاق قبول الصفح عن الخطايا السالفة أو السابقة ، لأنه كيف يغفر الله لنا خطايانا وهو لم يرضى عنا بعد !!!

ولكن شكراً لله لأن المسيح الرب صار ذبيحة رضا ومسرة عن كل الذين يتقدمون به إلى الآب ، ولو تأملنا تقديم ذبيحة المحرقة ، نجد أن لها ترتيباً خاصاً دون سائر جميع الذبائح الأخرى والتقدمات : إذ ينُص الطقس على ضرورة سلخ الذبيحة وتقطيعها قطعاً وغسلها غسلاً بالماء ، كل جوفها وأحشاؤها وقِطَعِها على المذبح ، ليُظهر كل ما فيها أمام الله حتى أعماقها الداخلية (لاويين 1: 9) ...

وما هذا !!! أليست هذه إشارة واضحة كالشمس إلى الفحص الذي جازه المسيح الرب أمام الله من جهة عمله وسلوكه وخدمته وأقواله ؟ فلم يوجد فيه عله واحده على الإطلاق ، حتى بشهادة بيلاطس نفسه الذي أمر بصلبه [ فقال لهم ثالثة (بيلاطس المتكلم) فأي شر عمل هذا . إني لم أجد فيه علّه (علّه = οὐδὲν = nothing = je n'ai rien) للموت ] (لوقا 23: 22) ، وذلك كما شهد إشعياء بروح النبوة [ لم يعمل ظلماً ولم يكن في فمه غش ] (إشعياء 53: 9) ، بل وهو نفسه شهد عن نفسه – وشهادته حق – قائلاً : [ من منكم يُبكتني على خطية ] (يوحنا 8: 46) ، وقد قال هذا وهو يتقدم إلى الصليب كشهادة لبر ذبيحته ، وتأكيد أنه ذبيحة محرقة أفضل من الرمز الذي قدمه الطقس قديماً بما لا يُقاس ...

ولنا أن نفهم ماذا يقصد الرب بدقة بكلمة من منكم يُبكتني : [ فكلمة يُبكتني في اليونانية - ἐλὲγχει – elegchei ) convinced = is-exposing ) هذه الكلمة اليونانية بحد ذاتها هي اصطلاح قانوني يُفيد الفحص المضاد من محامي الخصم ، وهو نوع من [ إقامة الدليل الضد ] ، وهي تقوم على إثبات الخطأ بالدليل المُدعم ، إما بشهادة الشهود ، أو بالوثائق الدامغة ، أو بمهارة المُحقق في جعل المتهم يعترف ضد نفسه . وقد أورد الإنجيل هذا المصطلح في يوحنا 16: 8 عن الروح القدس أنه [ يُبكت العالم على خطية ... ]

فالمسيح رب المجد بقوله [ من منكم يُبكتني على خطية ] يكون قد كشف كشفاً واضحاً على المستوى التي تعيش فيه بشريته ، أنه مستوى يفوق كل قامة البشر – حيث يستحيل أن يوجد إنسان بلا خطية – وبهذا يكون هذا النص هو استعلان للمستوى الإلهي الذي كان يعيشه المسيح في بشريته ، وهو المعروف في اللاهوت : أن المسيح " بلا خطية " [ لأن ليس لنا رئيس كهنة غير قادر أن يرثي لضعفاتنا بل مُجرب في كل شيء مثلنا بلا خطية (بلا اقتراف خطية – بمعزل عن الخطية – لأنها لا تستطيع أن تمسه أو يتعامل معها- مستحيل – استحالة مطلقة – أن توجد فيه خطية واحدة قط) ] (عبرانيين 4: 15)

فواضح هنا على مستوى فحص الذبيحة أن الرب نفسه يجتاز أي فحص بجدارة لأنه القدوس حمل الله الذي بلا عيب ومؤهل كل التأهيل أن يكون ذبيحة محرقة للرضا التام والمسرة ، وبسبب كماله المطلق يستحيل أن تقدم بعده ذبيحة محرقة أخرى لأن فيه الكل صار مرضي عنه ، شرط أن يتوب ويؤمن به ذبيحة محرقة تامة ، ويثمر إيمانه طاعة لأنه يستمد الطاعة من طاعة الرب يسوع بإيمان حي بالذبيح الذي صار رائحة رضا ومسرة دائمة وإلى الأبد ...



ونختتم الكلام عن هذه الذبيحة العظيمة والتي هي أول الذبائح ، والتي لا تقدم إلا بها ، ونعود نركز لكي تنطبع هذه الذبيحة في أذهاننا وفعلها يصير في قلوبنا بالإيمان بحمل الله ، ونذكر قول الرب لموسى قائلاً :
[ وكلم الرب موسى قائلاً : ... هذه هي شريعة المحرقة ، هي المحرقة تكون على الموقدة فوق المذبح كل الليل حتى الصباح ونار المذبح تتقد عليه . ثم يلبس الكاهن ثوبه من كتان ويلبس سراويل من كتان على جسده ويرفع الرماد الذي صيَّرت النار المحرقة إياه على المذبح ويضعه بجانب المذبح . ثم يخلع ثيابه ويلبس ثياباً أُخرى ، ويُخرج الرماد إلى خارج المحلة إلى مكان طاهر . والنار على المذبح تتقد عليه ، لا تُطفأ . ويُشعل عليها الكاهن حطباً كل صباح ، و يُرتب عليها المحرقة ويوقد عليها شحم ذبائح السلامة ، نار دائمة تتقد على المذبح ، لا تُطفأ ] (لاويين 6: 8 – 13) .


لنلاحظ ونركز على أن هذه الذبيحة تتركز في كونها تظل فوق المذبح كل الليل وحتى الصباح ، والنار على المذبح تلتهم المحرقة مع شحم ذبائح السلامة ، نار دائمة تتقد على المذبح ، لا تُطفأ ، ومحرقة دائمة لا يخلو المذبح منها إطلاقاً . وذلك إشارة واضحة إلى ذبيحة المسيح الرب ، حمل الله ، الكاملة التي صارت محرقة ووقوداً مستمراً أمام الآب يشمه كل حين وإلى الأبد رائحة سرور ورضا – كما رأينا في شرحنا السابق بتدقيق – فيتحنن على البشرية بسبب برّ المسيح وطاعته حتى الموت من أجل خلاص جنس البشر . وكما التهمت النار الذبيحة ، هكذا ابتُلع الموت إلى غلبة بموت المسيح وقيامته . والكتان الذي يلبسه الكاهن لكي يرفع رماد المحرقة ويضعه بجانب المذبح ، يُشير إلى برّ المسيح الذاتي وجسد قيامته ؛ لأنه إذ أطاع حتى الموت موت الصليب ، لكي يكمل مشيئة أبيه الصالح ، قام ببره الذاتي غالباً الموت وحاملاً معه مفاعيل عمله العظيم الذي أكمله على الصليب . فالرماد إشارة إلى كمال المحرقة وقبولها أمام الله .

____ في الجزء القادم سنبدأ في شرح ذبيحة الخطية_____

_____________________
للدخول على فهرس الموضوع للمتابعة والتدقيق
أضغط : هنــــــــــــــــــــا (http://www.orsozox.com/forums/f18/t58481/)

WENDY
11-30-2010, 02:57 PM
ربنا يبارك حياتك ويقوي خدمتك

http://orsozox.org/uphoto/images/64848263906357483771.gif

aymonded
11-30-2010, 03:15 PM
ربنا يبارك حياتك ويقوي خدمتك

http://orsozox.org/uphoto/images/64848263906357483771.gif


ويفرح قلبك ويغمرك بملء سلامه وفرح الروح القدس
النعمة تملأ قلبك سلام ومسرة دائمة