المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشرح الصحيح للنص – الكلمة صار جسداً - وهل صار جسداً معنوياً أم فعلياً


aymonded
01-20-2011, 01:37 PM
الشرح الصحيح للنص – الكلمة صار جسداً

للقديس كيرلس الكبير عامود الدين




س : كيف تُفسر "الكلمة صار جسداً" وكيف تشرح احتفاظه بعدم تغيير أقنومه عندما تجسد ؟
ج : يُبشرنا بولس الحكيم جداً ووكيل أسراره وكاهن الإنجيل " فليكن فيكم الفكر الذي كان في المسيح يسوع أيضاً . الذي إذ كان في صورة الله صار في شبه الناس ، وإذ وُجِدَ في الهيئة كإنسان تواضع وأطاع حتى الموت موت الصليب " (فيلبي 2: 5 – 8) .
فكلمة الابن الوحيد الإله الذي وُلِدَ من الله الآب الذي هو " بهاء مجده ورسم جوهره " (عبرانيين 1: 3) . هو الذيصار جسداً ، دون أن يتحول إلى جسد ، أي بلا امتزاج أو اختلاط أو أي شيء آخر من هذا القبيل بل " أخلى ذاته " وجاء إلى فقرنا ، ومن أجل الفرح الموضوع أمامه ، استهان بالعار (عبرانيين 12: 2) ، دون أن يحتقر فقر الطبيعة الإنسانية لأنه أراد كإله أن يُخلص الإنسان الخاضع للموت والخطية ، وأن يجعله فوق الموت والخطية ، وأن يعيده إلى ما كان عليه في البدء ، فجعل جسد البشر جسده ، وبنفس إنسانية عاقلة ، وليس كما يقول البعض أنه جسد بلا نفس . ولم يرفض أن يكمل طريق الخلاص حتى نهايته ، ولذلك قيل عنه أنه وُلِدَ مثلنا ، دون أن يفقد ما يخصه . فوُلِدَ كإنسان بطريقة معجزيه من امرأة ، لأنه لم يكن ممكناً بالمرة أن نرى الله على الأرض في شكله غير المنظور ، لأن الله لا يُرى ، فهو غير مرئي ، وطبيعته غير محسوسة .
لكن حَسُن في عينيه أن يتجسد وأن يظهر في ذاته وحده كيف يُمكن أن تتمجد طبيعتنا بكل أمجاد اللاهوت ، لأنه هو نفسه إله وإنسان " في شبه الناس " (فيلبي 2: 8) . ولأنه أصلاً إله قيل عنه أنه " صار في شبه الناس " (فيلبي 2: 8) . فالله الذي ظهر في شكلنا وصار في صورة العبد ، هو الرب . وهذا ما نعنيه بأنه صار جسداً . لذلك نؤكد أن العذراء القديسة هي والدة الإله .


+ صار لعنة وصار جسداً :
بولس الإلهي يكتب – وهذا النص يستخدمه الهراطقة – بأن الابن صار لعنة وخطية " الذي لم يعرف خطية صار لأجلنا خطية " (2كورنثوس 5: 21) . وأيضاً " المسيح افتدانا من لعنة الناموس فصار لأجلنا لعنة " (غلاطية 3: 13) . وهم يقولون إنه لم يصر لعنة فعلاً وفي الواقع لم يصر خطية ، وأن هذا تعبير تستخدمه الأسفار وتعني به شيئاً معنوياً وهو أيضاً المقصود من عبارة " الكلمة صار جسداً " فهي (حسب قولهم) لا تعني أنه فعلاً تجسد ، بل أنه قام بأعمال عملها في الجسد . وهذا هو معنى آخر لكلمة " صار " .

... (أن ) كلمة "صار" تحتوي على الحقائق الخاصة بالتجسد وكل ما حدث له تدبيرياً عندما أخلى ذاته إرادياً ، وقَبِلَ الجوع والتعب . وكان من المستحيل أن يتعب وهو الكلي القدرة ، ولا يُمكن أن يجوع وهو طعام الكل وحياتهم ، لو لم يكن قد أخذ جسداً بشرياً من طبيعته أن يجوع ويتعب . وكذلك كان من المستحيل أن يُحصي مع أثمه لو لم يكن قد صار لعنة لأجلنا ، عندما تأنس وصار جسداً وولد مثلنا كإنسان من العذراء القديسة مريم .

+ ولكن ليس صحيحاً أنه يوجد معنى آخر لكلمة " صار " وأن " الكلمة صار جسداً " بطريقة معنوية كما صار لعنة وخطية بطريقة معنوية أيضاً .
ألم يُحسب مثل الخطاة لي يرفع اللعنة ؟ ألم يجعله الآب خطية لكي يضع نهاية للخطية ؟
+ يتفق الهراطقة على هذا ...
+ وإذا كانوا يوافقون على ما ذكرناه وأنه حقاً " صار الكلمة جسداً " فكيف صار جسداً بكل صواب وصار لعنة وخطية بطريقة معنوية فقط ؟ كيف قضى معنوياً على جسد الموت والخطية ؟ كيف جعل معنوياً الجسد غير فاسد وغير قابل للموت أن لم يكن قد حقق هذا في جسده أولاً بشكل حقيقي وليس بطريقة معنوية ؟ عندما تجسد لم يترك جسده خاضعاً للموت والفساد كما فعل آدم الذي نقل إلينا عقوبة المعصية ، أما المسيح فقد أعطانا جسده الإلهي غير الفاسد والي فيه صار الجسد غير خاضع للموت والفساد .


+ الفرق بين استخدام كلمة صار في الكلام عن آدم والمسيح :
تقول الأسفار الإلهية .. " الإنسان الأول – أي آدم – صار نفساً حية ، ولكن الذي جاء بعده أي المسيح "صار" روحاً مُحيياً " (1كورنثوس 15: 45) . فهل يُمكن استخدام الجانب المعنوي لكلمة صار ، وهل يصلح الجانب المعنوي فقط للقضاء على اللعنة والخطية ؟
بكل تأكيد "لا" ، فقد جاء آدم الثاني لكي يُجدد الوضع القديم ، أي لا يبقى الإنسان نفساً حية فقط ولذلك صار هو روحاً مُحيياً . أما الهراطقة فعندما قلبوا معنى كلمة "صار" فقدت قوتها ، وعندما قالوا أنه لم يصر جسداً بنفس المعنى الحقيقي الذي ينطبق على " صار لعنة " فقد أدى هذا في النهاية إلى حتمية إنكار التجسد ، وإنكار حقيقة أن " الكلمة صار جسداً " . وإذا أخذنا الجانب المعنوي كمبدأ نُفسر به سر التدبير كله فأننا نصل في النهاية إلى أن المسيح لم يولد ولم يقُم حسب الكتب ، وماذا يبقى لنا من " كلمة الإيمان التي نُكرز بها " (رومية 10: 8) . كيف أقامه الله معنوياً من بين الأموات إن لم يكن قد مات فعلاً ؟ ومن أين يأتي الرجاء الحي بعدم الموت إلا إذا كان المسيح قد قام حقاً ؟ كيف تتم قيامة أجسادنا إلا بالاشتراك في جسده ودمه ؟




المسيح واحد للقديس كيرلس الإسكندري

مترجم عن مجموعة الآباء باليونانية (ميني) مجلد 75 – mg75

مؤسسة القديس أنطونيوس – مركز دراسات ألآباء

يناير 1987 ص 20 ، 21 ، 22 ، 23 ، 24