المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الليتورجية حسب ملء اللاهوت (2) بقلم القديس صفرونيوس


aymonded
01-27-2011, 01:27 PM
الليتورجية حسب ملء اللاهوت - بقلم القديس الأب صفرونيوس
(الجزء الثاني والأخير) - للرجوع للجزء الأول أضغط هنــــا (http://www.orsozox.com/forums/f138/t63504/)






+ في الإفخارستيا يتجلى الابن – رأس الكنيسة – بروح الآب القدوس . يتحرك نحونا عندما نطلبه ، لا ينزل كما تنزل الأجسام ، بل يتحرك مثل قلب يسكب الحياة . نُناديه ، لا لكي يأتي ، بل لكي نأتي نحن إليه . والنداء هو الكلمات المقدسة التي يضعها الروح القدس على لساننا ، وهي كلمات أُعطيت لآخرين قبلنا ، ولكنها صارت كلماتنا ؛ لأنها آتيه من الالتصاق بالمسيح في سرّ المعمودية العظيم ، ومن سرّ مسحة الميرون الإلهي ، ومن كلمات الوحي . هذه معاً تخلق ، ليس من العدم ، بل من صورة المسيح ، من صوره التصاقه بنا ، من محبته النارية للبشر ، من قدرته على تجديد القديم وعتق الإنسان من الخطية والموت .
" يا الله العظيم الأبدي " – تسبحة آتية من سرّ المعمودية .
" الذي جبل الإنسان على غير فساد " – آتية من بشارة الإنجيل .
" والموت الذي دخل إلى العالم بحسد إبليس هدمته " – آتية من الالتصاق بالرب بالروح القدس .
" بمسرتك يا الله املأ قلوبنا من سلامك " – آتية من الروح المعزي الذي أعطيته بعد قيامتك يا يسوع يا ذو الاسم المخلِّص الذي بكثرة محبته للبشر قَبِلَ الموت لأجلنا لكي نقبل نحن الحياة .

+ لا أُريد أن أكتب ما يجول في قلبي ؛ لأن الروح القدس يُعطي كل واحد حسب استطاعته وحسب قدرة ورؤية من يطلب . لا أُريد أن أُقدم ، ولو قبساً من نور الروح القدس الذي يملأ قلبي عندما أخدم السرّ الرهيب ؛ لأن هذا يجب أن يكون سيرة كل واحد منا مع الروح ، ليس عن بخل ، ولا خوفاً من الكبرياء ، ولكن لأن أسرار الروح تُعطى لكل واحد منا حسب محبته ، وهي ليست كلمات تُكتب ، بل هي حركة المحبة والحياة التي تأتي من الروح القدس .

من الصلاة نتعلم أسرار الثالوث ، وأقول لكم إن دعوة الموحَّدين سوف تجد الأذن المستعدة لأن تسمع كلاماً يقبله العقل ويسود عليه العقل ، وهناك يموت الإيمان لأن الله الخاضع للعقل هو صنم جديد ، ولكن الله الذي يدعو العقل إلى رؤية أعظم من الكلمات والروح ، هو الإله الحي الحقيقي .
وعندما تتحول دعوتنا إلى كتاب نقرأه ، نُصبح عبيداً للحروف .
وعندما تصبح الكلمات هي العلامات الوحيدة الدالة على الله ، يموت الله فينا عندما تموت الكلمات ومعانيها .
وعندما يُصبح " السطر " هو ما يجب أن نحفظه ، و" النص " هو ما يجب أن نتفوه به ، ننكر الروح القدس ، روح الأنبياء الذين لم يُدعونا إلى قبول كلمات ونصوص وكتب ، بل إلى رؤية وإلى إعلان تؤكده الصلاة والشركة وحركة المحبة الإلهية في الثالوث القدوس .


+ أنظروا أيها الإخوة ، إن الحديث عن الله هو إمَّا عنه مباشرة ، أي عن محبته وصلاحه ، وإمَّا عن أعماله التي عملها مع غيرنا من البشر الذين سبقونا في الإيمان مثل البطاركة . والنوع الثاني يعطي لنا معرفة غير مباشرة بالله . أمَّا النوع الأول فهو يعطي لنا معرفة مباشرة بالله ؛ لأن جوهره هو الشركة في الحياة الإلهية . لذلك السبب ، إذا عدنا إلى الليتورجية والحلول المتبادل بين أقانيم الثالوث ، نجد أن الآب حال في الابن منذ الأزل ، ولكن الابن حلَّ في الآب بنوع خاص بعد تجسده ، فقد جاء بالمحدود والترابي ، أي الإنسان وجعله " واحداً مع لاهوته " ، وجاء به إلى ذات الشركة الأزلية .


أنظروا أيها الأحباء مقدار عظمة محبة الله لنا ، لأننا الآن عندمانتوجَّه بالصلاة إلى الآب في الابن بالروح القدس ، فإن صلواتنا يُقدمها راس الجسد ، رئيس الكهنة ربنا يسوع المسيح . وعندما نُصلي ، يتجه الابن حاملاً إيانا فيه حالاً في الآب ، وتصبح صلواتنا كما قال الرسول بولس " نَعَم " ؛ لأنه في يسوع نجد كل " نَعَم " . وأيضاً عندما يحملنا الابن في أقنومه ، فإنه يحملنا فيه في شركته مع الآب والروح القدس .


+ لذلك السبب ، في صلاة القسمة ، نردد كلمات الإيمان ، أي نقسم الجسد مُخبرين بحياة الرب وموته المُحيي وعمله في الكنيسة وفي القديسين ؛ لأننا في كل عيد من أعياد الرب نتناول جسده ودمه ؛ لأن التناول يعني الاتحاد بما نؤمن ، والإيمان بما نتحد به . وصلاة القسمة على الأخص ، تؤكد لنا أننا نؤمن بأن الكلمة تُعلن لنا السرّ ، وأن السرّ يشرح معنى الكلمة ، وكلاهما يقودان معاً – إلى المسيح – كل الذين يؤمنون إيماناً ثابتاً بحركة الروح القدس ويقوده نحو مُعاينة الرب .



من رسائل الأب صفرونيوس

الثالوث القدوس توحيد وشركة وحياة

من ص 164 – 166 ، من فقرة 25 - 28

_____تم بنعمة الله يوم الخميس 27/1/2011 _____