aymonded
01-28-2008, 11:12 AM
المحب والمحبوب
( علاقة شركة مع الله )
2- سقوط المحبوب
الله المحبة خلق محبوبة الإنسان في جو الحرية الكامل ، حتى تكون المحبة من دافع شخصي حُرّ ، فلا غصب في المحبة ولا إجبار ، لأن أي إجبار هو خارج المحبة بل من واقع زُل وقهر ، وهذا يستحيل أن يحدث من الله المحبة ...
وقد أعطى المحب لمحبوبة التشبه به منذ تكوينه الأصلي :
[ حصلنا على التشبه بالله منذ أول تكويننا ، وأصبحنا صورة الله . لأن طبيعة الإنسان كما قلت ، قادرة على الصلاح والبرّ والقداسة ، ولديها الشهية لهذه الأشياء المغروسة فيها من الله ، ويمكن أن نرى ذلك من الحجة الآتية :
عندما ينحرف ذهن الإنسان ، فإنه لا ينحرف من الشرّ إلى الخير ، بل من الخير للشرّ ...
أما كون الشهية إلى الخير والرغبة إليه وإلى معرفة كل ما هو خير قد غُرست في نفس الإنسان منذ بدء تكوينه ، فهذا ما أوضحه بولس العالي في حكمته قائلاً : " لأن الأمم الذين ليس عندهم الناموس متى فعلوا بالطبيعة ما هو في الناموس فهؤلاء إذ ليس لهم الناموس هم ناموس لأنفسهم . الذين يُظهرون عمل الناموس مكتوباً في قلوبهم شاهداً أيضاً ضميرهم وأفكارهم فيما بينها مشتكية أو محتجة " ( رو2: 14 و15 ) ]
( القديس كيرلس الكبير
De dogmatum Solutione 3 – Pusey, In Ioannem 3 , 555 – 6 )
لقد أعطى المحب لمحبوبة وصية المحبة لتحفظ حريته واختياره ، وأعطى في تكوينه الأصلي القدرة على معانقة الفضيلة – كما قال القديس كيرلس الكبير – والدافع إليها هو هذا الحب الذي له نحو الله حبيبه ، فالإنسان بطبعه عاقل لأنه أيقونه حلوة لله مخلوق على صورته ، كشبهه ، تعكس بهائه وقداسته ، وله أن يحيا بالحب وحفظ وصية المحب ...
يقول القديس كيرلس الكبير :
[ ليس كوننا أغنياء فنحن عاقلون وقادرون على كل عمل صالح ، بل إن ذات طبيعتنا من البداية قد خُلقت بطريقة ملائمة لهذه الأشياء وقادرة عليها – هي لهذا الحدَّ تختص بالحق فينا ، لذلك كتب القديس بولس يقول : مخلوقين ... لأعمال صالحة ... " ( أف 2: 10 ) ]
( In Lucan, hom. 109 PG 72 , 816 )
رغم هذه العطية الحسنة البديعة التي وُهِبت للإنسان فقد أخطأ وسقط سقوطاً مروعاً ، فقد أخطأ المحبوب بحريته ولم يحفظ وصية المحب ، أخطأ الإنسان المحبوب المخلوق على صورة الله المحب ، فخسر شبه الله ، وخسر التحرك نحو الله ، واتجه اتجاه لآخر .
فقد الإنسان الشركة مع الله ، بكسر وصية المحب لهُ وهو المحبوب لديه ، كعروس تركت حبيبها وجرت وراء آخر مزدرية بوصية زوجها المحب .
عزل الإنسان نفسه – بحريته وإرادته – عن الحب الحقيقي والحضن الأبوي ، حيث محبة الأنا أصبحت المحبة التي ارتكز عليها ، وهي محبة الذات ، لأنه سمع الإغراء تكونان كالله ، فأراد أن يكون كالله بمعزل عن الله ، فأشتهى المعرفة بعيداً عن المحب ، فأصبح الحب المسيطر هو الأنا ، وهذه محبة ذاتية منافية للمحبة الحقيقية التي تعطي كل شيء للمحب ، فنزل للجحيم ،أي أنقطع عن شركة المحبة ، وصارت ذاته هي محور حبه المنحرف .
فالمحبة هي انفتاح على الآخر ، وعطاء النفس والقلب والفكر له ، هي نسيان كرامة الذات وكل رغبة لها ، وبذلها ، وعطاء الوجدان وانفتاحه على المحب بكل سرور وفرح ...
وبذلك سقط الإنسان في حالة الموت في عزلة عن المحب ، فدخل في حالة عذاب الجحيم وآلام النفس المجروحة من جراء كسر المحبة !!!
ويقول القديس باسيليوس الكبير :
[ الله ليس مسبباً لعذابات الجحيم ، بل نحن أنفسنا . لأن اصل الخطية وجذرها في حُريتنا وإرادتنا ]
ونختم هذا الجزء بكلمات القديس كيرلس الكبير :
[ ... الكائن البشري قد وُلِدَ بشهية طبيعية نحو الخير ..
فالإنسان – كما ترى – يحكم نفسه بمحض اختياره بكل تروًّ ، وقد زوَّد بقُوَى تدبير ذهنه الخاص ، لكي يمكنه أن يتحرَّك بسرعة نحو أي اتجاه يستهويه ، نحو الخير أو ضدَّه . والآن فقد غُرس في طبيعته الشهوة والرغبة نحو كل نوع من الخير والإرادة في تنمية الصلاح والبرّ ، بالقدر الذي يكون فيه هذا الكائن البشري خيَّراً ومستقيماً بطبيعته ]
[ لكي ما تكون له العلامة المميزة للطبيعة الإلهية أكثر وضوحاً فيه ، لذلك فقد نفخ فيه الله نسمة الحياة . هذا هو الروح الذي قد أُعطى للخليقة العاقلة من خلال الابن والذي به ينتقل إليه الطبع الأسمى الإلهي ]
(De dogmatum Solutione 2 – Pusey, In Ioannem 3 , 552 – 553 )
( علاقة شركة مع الله )
2- سقوط المحبوب
الله المحبة خلق محبوبة الإنسان في جو الحرية الكامل ، حتى تكون المحبة من دافع شخصي حُرّ ، فلا غصب في المحبة ولا إجبار ، لأن أي إجبار هو خارج المحبة بل من واقع زُل وقهر ، وهذا يستحيل أن يحدث من الله المحبة ...
وقد أعطى المحب لمحبوبة التشبه به منذ تكوينه الأصلي :
[ حصلنا على التشبه بالله منذ أول تكويننا ، وأصبحنا صورة الله . لأن طبيعة الإنسان كما قلت ، قادرة على الصلاح والبرّ والقداسة ، ولديها الشهية لهذه الأشياء المغروسة فيها من الله ، ويمكن أن نرى ذلك من الحجة الآتية :
عندما ينحرف ذهن الإنسان ، فإنه لا ينحرف من الشرّ إلى الخير ، بل من الخير للشرّ ...
أما كون الشهية إلى الخير والرغبة إليه وإلى معرفة كل ما هو خير قد غُرست في نفس الإنسان منذ بدء تكوينه ، فهذا ما أوضحه بولس العالي في حكمته قائلاً : " لأن الأمم الذين ليس عندهم الناموس متى فعلوا بالطبيعة ما هو في الناموس فهؤلاء إذ ليس لهم الناموس هم ناموس لأنفسهم . الذين يُظهرون عمل الناموس مكتوباً في قلوبهم شاهداً أيضاً ضميرهم وأفكارهم فيما بينها مشتكية أو محتجة " ( رو2: 14 و15 ) ]
( القديس كيرلس الكبير
De dogmatum Solutione 3 – Pusey, In Ioannem 3 , 555 – 6 )
لقد أعطى المحب لمحبوبة وصية المحبة لتحفظ حريته واختياره ، وأعطى في تكوينه الأصلي القدرة على معانقة الفضيلة – كما قال القديس كيرلس الكبير – والدافع إليها هو هذا الحب الذي له نحو الله حبيبه ، فالإنسان بطبعه عاقل لأنه أيقونه حلوة لله مخلوق على صورته ، كشبهه ، تعكس بهائه وقداسته ، وله أن يحيا بالحب وحفظ وصية المحب ...
يقول القديس كيرلس الكبير :
[ ليس كوننا أغنياء فنحن عاقلون وقادرون على كل عمل صالح ، بل إن ذات طبيعتنا من البداية قد خُلقت بطريقة ملائمة لهذه الأشياء وقادرة عليها – هي لهذا الحدَّ تختص بالحق فينا ، لذلك كتب القديس بولس يقول : مخلوقين ... لأعمال صالحة ... " ( أف 2: 10 ) ]
( In Lucan, hom. 109 PG 72 , 816 )
رغم هذه العطية الحسنة البديعة التي وُهِبت للإنسان فقد أخطأ وسقط سقوطاً مروعاً ، فقد أخطأ المحبوب بحريته ولم يحفظ وصية المحب ، أخطأ الإنسان المحبوب المخلوق على صورة الله المحب ، فخسر شبه الله ، وخسر التحرك نحو الله ، واتجه اتجاه لآخر .
فقد الإنسان الشركة مع الله ، بكسر وصية المحب لهُ وهو المحبوب لديه ، كعروس تركت حبيبها وجرت وراء آخر مزدرية بوصية زوجها المحب .
عزل الإنسان نفسه – بحريته وإرادته – عن الحب الحقيقي والحضن الأبوي ، حيث محبة الأنا أصبحت المحبة التي ارتكز عليها ، وهي محبة الذات ، لأنه سمع الإغراء تكونان كالله ، فأراد أن يكون كالله بمعزل عن الله ، فأشتهى المعرفة بعيداً عن المحب ، فأصبح الحب المسيطر هو الأنا ، وهذه محبة ذاتية منافية للمحبة الحقيقية التي تعطي كل شيء للمحب ، فنزل للجحيم ،أي أنقطع عن شركة المحبة ، وصارت ذاته هي محور حبه المنحرف .
فالمحبة هي انفتاح على الآخر ، وعطاء النفس والقلب والفكر له ، هي نسيان كرامة الذات وكل رغبة لها ، وبذلها ، وعطاء الوجدان وانفتاحه على المحب بكل سرور وفرح ...
وبذلك سقط الإنسان في حالة الموت في عزلة عن المحب ، فدخل في حالة عذاب الجحيم وآلام النفس المجروحة من جراء كسر المحبة !!!
ويقول القديس باسيليوس الكبير :
[ الله ليس مسبباً لعذابات الجحيم ، بل نحن أنفسنا . لأن اصل الخطية وجذرها في حُريتنا وإرادتنا ]
ونختم هذا الجزء بكلمات القديس كيرلس الكبير :
[ ... الكائن البشري قد وُلِدَ بشهية طبيعية نحو الخير ..
فالإنسان – كما ترى – يحكم نفسه بمحض اختياره بكل تروًّ ، وقد زوَّد بقُوَى تدبير ذهنه الخاص ، لكي يمكنه أن يتحرَّك بسرعة نحو أي اتجاه يستهويه ، نحو الخير أو ضدَّه . والآن فقد غُرس في طبيعته الشهوة والرغبة نحو كل نوع من الخير والإرادة في تنمية الصلاح والبرّ ، بالقدر الذي يكون فيه هذا الكائن البشري خيَّراً ومستقيماً بطبيعته ]
[ لكي ما تكون له العلامة المميزة للطبيعة الإلهية أكثر وضوحاً فيه ، لذلك فقد نفخ فيه الله نسمة الحياة . هذا هو الروح الذي قد أُعطى للخليقة العاقلة من خلال الابن والذي به ينتقل إليه الطبع الأسمى الإلهي ]
(De dogmatum Solutione 2 – Pusey, In Ioannem 3 , 552 – 553 )