المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دراسة عامة ليست متخصصة في القانون الكنسي - الجزء السادس طغمة الشعب τάγμα


aymonded
03-05-2011, 10:24 PM
دراسة عامة ليست متخصصة في القانون الكنسي - الجزء السادس
للدخول على الجزء الخامس أضغط هنـــــا (http://www.orsozox.com/forums/f37/t64760/)

تابع (2) طبيعة الكنيسة وأساس قيامها
تابع (ب) الكنيسة شعب وإكليروس – الفرق ما بين لفظة العلماني والشعب
تابع / ثانياً : لاؤس ، الشعب : لائيكوس ، عضو في شعب الله الجديد – رتبة البنوة
[ رعية مع القديسين وأهل بيت الله – عضواً مكرماً في الكنيسة الجامعة ]
(رجاء العودة للجزء السابق لأهمية فهم مصطلح شعب)







بعد أن شرحنا أساس كلمة شعب في أصولها اللغوية حسب قصد الكتاب المقدس نوضح ألان مكاننا الخاص في شعب الله ، أي رتبتنا في الكنيسة ...

فيلزمنا أن نعلم أن كل [ مسيحي ] هو في الواقع اللاهوتي [ مرسوم ] أو [ موسوم ] أي أنه نال وسم الروح القدس ، أي نال سرّ المسحة المقدسة المُسماة في صلوات الكنيسة الطقسية [ وَسْم ] ليكون عضواً حياً في شعب الله أي الكنيسة ، لأننا بالوسم المقدس عُينا أعضاء في كنيسة الله فصرنا من شعب الله الخاص ، أي أعضاء في شعب الله الجديد وكما يُصلى في القداس الإلهي [ يا الله الذي سبق فوسمنا للبنوة بيسوع المسيح ربنا كمسرة إرادتك ] (القداس الكيرلسي) ، أي أننا نلنا رتبة البنوة ...


وكلمة رتبة أصلها اليوناني [ τάγμα– τάξις– order] وهي تعني رتبة وجمعها رُتب وهي المنزلة ، وهي تعني عموماً [ رتبة ] و [ قسم ] أو [ فرقة من ألوية وفرق الجيش ] ، أو قسم من أقسام القوات السمائية وتُسمى عموماً طغمة ، والطغمة في الكنيسة تُعبر عن [ الطغمات الكنسية أو الطغمات السماوية ] ، لأن هناك رتب كنسية [ رتب كنسية كهنوتية ، ورتب كنسية غير كهنوتية ] ، ورتب سماوية [ الملائكة ورؤساء الملائكة ] ، وما نركز عليه الآن هو الرتبة أي الطغمة [τάγμα] الغير كهنوتية أو السماوية ، بل رتبة الشعب ، لأنه محسوب طغمة أي رتبة غير كهنوتية ، و الطغمة هنا تعتبر لفظة لتوصيف أعضاء شعب الله وذلك بحسب صلوات سرّ المعمودية وقوانين مجمع نيقية (325م) وأيضاً قانون رقم 6 من قوانين مجمع القسطنطينية المسكوني (381م)

عموماً هذه الكلمة تصف رتب وأقسام أعضاء الكنيسة الجامعة ، وقد أُطلق عليهم [ طغمة اللاؤس – شعب الله ] جنباً إلى جنب مع [ طغمة الإكليروس ] ، وذلك لأن الشعب قسم وجزء لا يتجزأ من بنيان كنيسة الله وليس مجرد ((علمانيين)) لهم أشغالهم المدنية والعالمية وليس لهم أي علاقة أو شأن بالكنيسة إلا في حدود خاصة منفصلة عن الإكليروس ...

فالمسيحي عموماً قد وُسم أو رُسم لكي يصبح [لائكيوس] أي [ عضو في شعب الله الحي ] ، نائلاً رتبة البنوة لله بالنعمة في المسيح يسوع بنواله سر المسحة المقدسة ، وفي سر المعمودية يُصلي الكاهن لله أن يجعل المُعمد : [ خروفاً في القطيع المقدس للمسيح ، عضواً مكرماً في الكنيسة الجامعة ، إناءً طاهراً ، ابناً للنور ، وارثاً للملكوت حتى إذا جاهد كوصايا المسيح ، وحرس خاتم الروح القدس من أي سارق ، وحفظ اللُباس غير المضمحل ، يفوز بطوباوية أصفيائك بالمسيح يسوع ربنا ] (صلوات سر المعمودية – صلوات الخدمات في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – مكتبة المحبة – ص 36)


ويقول القديس المحبوب بولس الرسول : [ الآن في المسيح يسوع أنتم الذين كنتم قبلاً بعيدين صرتم قريبين بدم المسيح. لأنه هو سلامنا الذي جعل الاثنين واحداً و نقض حائط السياج المتوسط ، أي العداوة ، مبطلاً بجسده ناموس الوصايا في فرائض لكي يخلق الاثنين في نفسه إنساناً واحداً جديداً صانعاً سلاماً. و يصالح الاثنين في جسد واحد مع الله بالصليب قاتلاً العداوة به. فجاء و بشركم بسلام أنتم البعيدين و القريبين. لأن به لنا كلينا قدوماً في روح واحد إلى الآب. فلستم إذاً بعد غرباء ونزلاء بل رعية مع القديسين وأهل بيت الله . مبنيين على أساس الرسل والأنبياء ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية . الذي فيه كل البناء مركباً معاً ينمو هيكلاً مقدساً في الرب الذي فيه أنتم مبنيون معاً مسكناً لله في الروح ] (أفسس2: 13 - 22)

فنحن كشعب وكهنة وكل طغمات كنيسة الله أي رعية المسيح رأس الجسد الواحد ، به لنا كلينا معاً قدوماً واحداً إلى الآب ، بصفتنا كلنا شعب الله الواحد ، نلتحم بشخص المسيح الكلمة جسداً بجسد ودماً بدم ، إذ نتناول هذا الجسد العظيم الذي هو سر وحدتنا ونرتوي من نفس ذات الدم الذي يطهرنا ليجعلنا شعباً مجتماً بطهارة لنعبد الله الحي ونقدسه في قلوبنا وواقعنا المعاش في سر وحدة الجسد الواحد أي الكنيسة ، وذلك لأننا أخذنا جميعاً الروح الواحد في المعمودية هذا الروح الذي جعلنا أبناء حقاً لآب واحد : [ إذ لم تأخذوا روح العبودية أيضاً للخوف ، بل أخذتم روح التبني الذي به نصرخ يا أبَّا الآب ] (رومية8: 15)

فنحن الآن في كنيسة الله لسنا بعد غرباء ونزلاء وسط شعب الله أو داخل الكنيسة ولسنا أيضاً دخلاء ، لأن الغريب ليس له إقامة والنزيل ليس ابن البيت ، ولكننا رعية مع القديسين ، أي مواطنون في مملكة الله مع القديسين : [ اغتسلتم بل تقدستم بل تبررتم باسم الرب يسوع وبروح إلهنا ] (1كورنثوس6: 11)

ولو عدنا للنبوات في العهد القديم نفهم الأمور حسب مقاصد الله الأزلية [ أما قديسو العلي فيأخذون المملكة ويمتلكون المملكة إلى الأبد وإلى أبد الآبدين ] (دانيال7: 18) ، [ حتى متى جاء قديم الأيام وأُعطي الذين لقديسي العلي ، وبلغ الوقت فامتلك القديسيون المملكة ] (دانيال 7: 22) ، [ والمملكة والسلطان وعظمة المملكة تحت كل السماء تُعطى لشعب قديسي العلي . ملكوته ملكوت أبدي وجميع السلاطين إياه يعبدون ويطيعون ، إلى هنا نهاية الأمر ] (دانيال 7: 28 و28) ، [ ولي خراف أُخر ليست من هذه الحظيرة ينبغي أن آتي بتلك أيضاً فتسمع صوتي وتكون رعية واحدة وراعٍ واحد ] (يوحنا10: 16) ، [ لأنكم جميعاً أبناء الله بالإيمان بالمسيح يسوع ] (غلاطية3: 26) ، [ مبنيين على أساس الرسل والأنبياء ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية ] (أفسس2: 20)



ونلاحظ أن الليتورجية [ الصلوات الكنسية الطقسية ] تعني [ خدمة الشعب وهم متحدون – شركاء مجتمعون معاً ومتحدون معاً في رفع قرابينهم ، في صلح وسلام بعضهم مع بعض ، وذلك للاحتفال بسرّ الإفخارستيا ] ومن هنا تأتي خطورة الخصومة ، لأن أي خصومة كفيل أن تعزل الإنسان عن الجسد الواحد وتعزله عن صلوات الجماعة في سر وحدانية الروح فيخسر رعيته وعضويته في شعب الله الحي إلى أن يتوب ويتصالح مع أخيه ....


ولنلاحظ أن في كل صلوات الكاهن لا يتكلم بصيغة المفرد كأنه يصلي وحده أو باسمه ، بل يصلي بصيغة المتكلم الجمع فنجد هذه المصطلحات التي ينطقها في الصلوات [ (نحن) ، (نقدم) ، (نشكرك) ، (نمجدك) ، (ندخل) ، (ننال) ... الخ ... ] ، وحتى في صلاة الحل من الخطايا ، يقف موقف الصلاة والتوسل إلى الله الذي [ له وحده سلطان مغفرة الخطايا ] (مت9: 6) يسأل الله من أجل الشعب ومن أجل نفسه [ حاللنا وحالل سائر شعبك ] وهو نفسه ينضم في الطلبة إلى سائر شعب الله [ سائر شعبك ] فيذكر نفسه قائلاً : [ وضعفي ] وذلك لكي ينال هو أيضاً الحل من الله عن خطاياه ...


فعضو شعب الله هو الشريك الأساسي مع الكاهن في ممارسة طقس سرّ الإفخارستيا ، لأن هذا السر هو عمل وخدمة الشعب أي الكنيسة كلها بجميع طغماتها ، ويقول القديس يوحنا ذهبي الفم : [ الإفخارستيا هي شركة للكل . فهي لا تُقام بالكاهن وحده بل بالشعب مع الكاهن . لأنه يبدأ قداس الإفخارستيا بقوله : " فلنشكر الرب " ، فقط بعد أن يعطيه الشعب الموافقة بإعلانهم بأنه "مستحق ومستوجب" ] (القديس يوحنا ذهبي الفم عظة على 2كو18: 3)

ويقول القمص عبد المسيح صليب في كتاب الخولاجي المقدس ، مطبعة عين شمس 1902م ص 4 : [ من المعلوم أن الصلوات الكنائسية مشتركة بين ثلاثة لا يُمكن الاستغناء عن حضور أحدهم وهم : الكاهن والشماس والشعب ]


عموماً باختصار وإيجاز :
أن كل الذين يعتمدون يصيرون ذات رتبة في الكنيسة ، وهي رتبة [شعب الله] ، أي الكنيسة ، فالكنيسة كلها أي المسيحيون هم شعب الله الجديد الخاص ، وهم نصيب الله وميراثه وزكما يقال في كل قداس إلهي : [ يا الله خلَّص شعبك ، بارك ميراثك ]
ويقول القديس الشهيد يوستينوس : [ فأننا نحن المسيحيين لسنا فقط شعباً بل شعب مقدس ، كقول الله " ويسمونهم شعباً مقدساً ، مفديي الرب ] (إشعياء62: 12) ، لذلك فنحن شعب الله المختار ] (القديس يوستينوس الشهيد في الحوار مع تريفو)


عموماً كل واحد في شعب الله ملكاً وكاهناً ونبياً ، ويشرحها بتدقيق القديس يوحنا ذهبي الفم قائلاً : [ لقد صرت في المعمودية ملكاً وكاهناً ونبياً : ملكاً بمعنى أنك التقيت وطرحت أرضاً كل أعمال الشر وذبحت خطاياك ؛ كاهناً بمعنى أنك تقدم نفسك لله ، إذ قدمت جسدك ذبيحة وأنت نفسك ذُبحت أيضاً " إذ كنا قد متنا معه فسنحيا أيضاً معه " (2تي2: 11) ؛ نبياً إذ أنت تعرف ما سيكون ، وقد تعلمت من الله ، وقد خُتمت . إذ كما يُطبع على الجنود بختم ، هكذا على المؤمن طُبع ختم الروح القدس ] (القديس يوحنا ذهبي الفم عظة 3: 7 على 2كو)


ونختتم بكلمات الدسقولية ونستكمل حديثنا في الجزء القادم : [ فإن الذين يعتمدون الآن يُدهنون أو توضع اليد عليهم لا ليصيروا كهنة ، ولكن ليصيروا مسيحيين من قِبَل المسيح " مملكة وكهنوتاً وأمة مقدسة " ، كنيسة الله ، عاموداً ثابتاً للعريس ، الذين لم يكونوا شعباً في ذلك الزمان ، وأما الآن فقد أحبهم الله واختارهم ] (دسقولية 15: 15)


_______________________________


للدخول على فهرس الموضوع أضغط هنــــــــــا (http://www.orsozox.com/forums/f37/t64473/)

aymonded
03-06-2011, 02:25 AM
مراجع هذا الجزء :
* القاموس الموسوعي للعهد الجديد
* معجم المصطلحات الكنسية الجزء الثاني
* الدسقولية - وليم سليمان قلادة
* التدبير الإلهي في تأسيس الكنيسة وترتيب نظام الكهنوت
* صلوات الخدمات في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية - مكتبة المحبة
* الخولاجي المقدس