المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : 4 – مرض الإرادة المخدوعة - تابع المحب والمحبوب ( علاقة شركة مع الله )


aymonded
02-01-2008, 12:57 PM
المحب والمحبوب
( علاقة شركة مع الله )
4 – مرض الإرادة المخدوعة


بالحب أعطى الله الوصية لآدم لتأكيد حريته ، ولتحقيق ذاته بالحب بطاعة المحب الذي خلقه على صورته ، ولكي تظهر صورة الله في الإنسان التي تدعو للإعجاب عندما يوجد ممارساً للفضيلة طوعاً من غير إكراه ، إذ أن الوصية صارت رابطة المحبة بين آدم والله ، فهو يحفظ الوصية من أجل الله ، ودوام حفظة له هو دليل لثبوته في المحبة وخضوعه لله ...

ولكن المأساة حدثت بحسد إبليس :
[ " بحسد إبليس دخل الموت إلى العالم " ( حكمة2: 24 ) ، وكان سبب الحسد هو السعادة التي وُضع فيها آدم في الفردوس ، لأن إبليس لم يستطع أن يتحمل ما كان يتمتع به الإنسان من امتيازات . فقد أثار حسده أن الإنسان ، رغم أنه مصنوع من الطين ، إلا أنه قد اختير لكي يسكن الفردوس . لقد بدأ إبليس يفكر ملياً في كون الإنسان وهو مخلوق أقل شأناً منه ، إلا أنه صار يصبو إلى الحياة الأبدية ، بينما هو ، وهو مخلوق ذو طبيعة سامية ، قد سقط وصار جزءاً من هذا الكيان الساقط ]
( القديس أمبروسيوس St. Ambrose, Paradise 12, pp. 332-333 )

ورغم من أن آدم أخذ وصية من الله لتحفظ حريته واختياره ، فاختار أن يخضع للغواية وأخطأ بكامل حريته :
( أنا الذي اختطفت لي قضية الموت ) ( القداس الإلهي )
فالإنسان تلقى وصية الله في روح المحبة ، وكان لابدَّ من أن يستجيب للوصية بطاعة المحبة والثقة في الله المحب ، وكان عليه أن يفصل نفسه – بكل اختيار حرّ بالمحبة – ليس فقط عن الثمرة حسب الأمر الإلهي ، ولكن عن كل شيء خارجي لكي يحيا مع الله ولله ، ويسعى لوحدة مع الله حسب هدف خلقته على صورة الله ومثاله ...
ووصية الله تظهر له طريق الشركة مع الله في انسجام المحبين ، ولكن الإنسان بكامل إرادته أختار الطريق المضاد ، وانفصل بكامل حريته عن الله ، وخضع لغواية عدو كل خير ...

فالخطية هي مرض الإرادة المخدوعة – كما يقول القديس غرغوريوس النيصي ، فالإنسان كان ميالاً – بالطبيعة – إلى معرفة الله ومحبته ، ولكنه استطاع بسبب إرادته المخدوعة الانحراف نحو الخير غير الموجود !!!

ونتيجة أتباع الضلال :
" وسَمِعَا صوت الرب الإله ماشياً في الجنة عند هبوب ريح النهار فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله في وسط الجنة " ( تك3: 8 )

فقد آدم – وكل إنسان – الدالة على موجهة الله الذي خالف عهد المحبة ولم يحفظه باختياره الحرّ ، وشعر بعريه فصار في خزي عظيم لا يقدر على المواجهة !!!

وهذا ما يظهر عملياً في حياتنا على المستوى الشخصي : حينما نهرب من الصلاة وقراءة كلمة الله والتناول – بحجة عدم الاستعداد وعدم وجود الوقت للاعتراف وحجج لا تنتهي وفي غاية الإقناع – ونهرب ببراهين وإثباتات وهمية ، وفي أوقات كثيرة نشعر بثقل كلمة الله وعدم القدرة على قراءتها ، ولا نريد أن نسمع كلمة الله في عمقها الحلو وعمقها المؤدب للنفس ، بل نكتفي بالسطحيات ونهرب من الوصية والتزامتها ، ونعلن احتياجنا عن الموضوعات الشبابية أو المسابقات أو الموضوعات الترفيهية ... الخ ، ولا نريد الولوج لعمق كلمة الله ، وكأن الروحيات شيء والشببيات شيء والنفسيات شيء واللاهوتيات شيء آخر ، وهيهات أن جمعنا هذا كله أو نراه وحده واحده لا تنقسم ، لأننا منقسمون على أنفسنا !!!
وهذا كله - يدل على - انقسام في حياة الإنسان وتمزق مروع وانحراف رهيب وشلل لقدرات النفس الروحية والتحرك نحو الحسيات والنفسيات أي في النهاية كلها مجمل الهروب من محضر الله والحياة معه ، باختصار :
((((((( سمعت صوتك فخشيت )))))))

وهذه كله نتاج رفض محبة الله وانفصال وعزلة الإنسان - باختياره الحرّ - عن الخير الحقيقي ، أي هذه هي حالة الموت ، أي حالة فساد تسرب للإنسان في داخله ولم يعد محضر الله ذات مسرة أو فرح لقاء الحب .

نختتم هذا الجزء بقول القديس أثناسيوس الرسولي :
[ 1- فالله لم يكتفِ بأن يخلقنا من العدم ، ولكنه وهبنا أيضاً بنعمة الكلمة إمكانية أن نعيش حسب الله ، ولكن البشر حَوَّلوا وجوههم عن الأمور الأبدية ، وبمشورة الشيطان تحولوا إلى أعمال الفساد الطبيعي وصاروا هم أنفسهم السبب فيما حدث لهم من فساد بالموت . لأنهم كانوا – كما ذكرت سابقاً – بالطبيعة فاسدين لكنهم بنعمة اشتراكهم في الكلمة كان يمكنهم أن يفلتوا من الفساد الطبيعي لو أنهم بقوا صالحين .

2- وبسبب أن الكلمة سكن فيهم ، فإن فسادهم الطبيعي لم يَمَسَّهم كما يقول سفر الحكمة : " الله خلق الإنسان لعدم الفساد وجعله على صورة أزليته لكن بحسد إبليس دخل الموت إلى العالم " ( حك 2: 23 – 24 ) وبعدما حدث هذا بدأ البشر يموتون ، هذا من جهة ومن جهة أخرى فمن ذلك الوقت فصاعداً بدأ الفساد يسود عليهم بل صار له سيادة على كل البشر أقوى من سيادته الطبيعية ، وذلك لأنه حدث نتيجة عصيان الوصية التي حذرهم أن لا يخالفوها .

3- فالبشر لم يقفوا عند حد معين في خطاياهم بل تمادوا في الشرّ حتى أنهم شيئاً فشيئاً تجاوزوا كل الحدود ، وصاروا يخترعون الشرّ حتى جلبوا على أنفسهم الموت والفساد ، ثم توغلوا في الظلم والمخالفة ولم يتوقفوا عند شرّ واحد ، بل كان كل الشرّ يقودهم لشرّ جديد حتى أصبحوا نهمين في فعل الشرّ ( لا يشبعون من فعل الشرّ ) .

1- لأجل هذا إذن ساد الموت أكثر وعم الفساد على البشر ، وبالتالي كان الجنس البشري سائراً نحو الهلاك ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى كان الإنسان العاقل المخلوق على صورة الله آخذاً في التلاشي ، وكانت خليقة الله آخذةً في الانحلال . ]
( القديس اثناسيوس الرسولي – تجسد الكلمة ف 4: 1و 2و 3 + ف 5 : 1 )

adel baket
02-02-2008, 12:24 PM
لأجل هذا إذن ساد الموت أكثر وعم الفساد على البشر ، وبالتالي كان الجنس البشري سائراً نحو الهلاك ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى كان الإنسان العاقل المخلوق على صورة الله آخذاً في التلاشي ، وكانت خليقة الله آخذةً في الانحلال


الله ايمن على الموضوع القوى الرائع
الرب يبارك حياتك

aymonded
02-02-2008, 12:29 PM
الله يخليك يا أحلى غالي
ونشكر الله على روعة كتابات الآباء الذين علمونا كلمة الله الحلوة
أقبل مني كل تقدير لشخصك الحلو
النعمة معك

nana222
02-03-2008, 12:21 PM
الصراااااحه موضوع راااااائع
شكرا استاذ ايمن لتعب محبتك

aymonded
02-03-2008, 12:59 PM
وهبنا الله أن نتأصل في روح المحبة
ونعيش معه في شركة المحبين
أقبلي مني كل تقدير بمحبة
النعمة معك

agabi fahim
09-19-2009, 04:26 PM
ربنا يعوض تعب محبتك ويبارك حياتك
Thank you for your efforts

aymonded
09-19-2009, 04:39 PM
النعمة معك يا محبوبة الله والقديسين

بنت الراهب الصامت
12-14-2009, 02:43 PM
فالخطية هي مرض الإرادة المخدوعة – كما يقول القديس غرغوريوس النيصي ، فالإنسان كان ميالاً – بالطبيعة – إلى معرفة الله ومحبته ، ولكنه استطاع بسبب إرادته المخدوعة الانحراف نحو الخير غير الموجود !!!
جميل اوى بجد
ميرسى اوى ليك

aymonded
12-14-2009, 02:55 PM
وهبنا الله أن نتبعه من القلب بمحبة عظيمة
أقبلي مني كل تقدير لشخصك الحلو في ربنا يسوع
النعمة معك كل حين

الامير الحزين
12-14-2009, 10:14 PM
اللة على جمال موضعاتك
ربنا يبارك حياتك

aymonded
12-15-2009, 12:50 AM
وهبك الله كل فرح وسلام يا أروع أخ غالي
النعمة معك