المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : معرفة النفس ومعرفة الله على مستوى الداخل (7) العودة للنفس ومعرفة الله


aymonded
04-29-2011, 01:50 PM
تابع جوهر حياة المسيحي على مستوى الداخل
سلسلة / معرفـــــة النفس ومعرفـــــة الله
العودة للنفس ومعرفة الله

للعودة للجزء السابق
أضغط هنـــــــــــا (http://www.orsozox.com/forums/f5/t60679/)



من المستحيل على أي إنسان مهما كانت إمكانياته ومهما ما بلغ من مقدرة ، بعد أن تشتت وانقسم على ذاته أن يقدر على أن يعود إلى نفسه ويتعرف على الله المنعكس على قلبه بحسب خلقته التي خُلق عليها ، لأن الإنسان هو الوحيد الذي نال نفخة الله ، لأن الخليقة كلها خُلقت بأمر من الله [ كن فكان ] أما الإنسان هو الوحيد ، والوحيد فقط لم يخلقه الله بأمر بل أخذ تراباً من الأرض ونفخ فيه فصار الإنسان نفساً حية ... وبعد السقوط وخبرة أوجاع الخطية اختفى سر الإنسان وطُمست فيه ملامح الله وتاهت نفسه عن مصدر وجوده وحياته لأن الخطية أعمت عينيه ، لذلك حينما نُخطئ وعلى مستوى الخبرة نجدنا نُكمل الخطية وتسود علينا فتعمينا عن الحق وتفقدنا معرفة الله ، ولا نستطيع أن نُبصره أو نرى حنانه ورأفته ، فنبتعد أكثر ونصير أشد تيهاً مما كنا عليه ، لأن الخطية تطرح النفس بعيداً في صحراء جفاف الموت ، فأن لم تستفيق النفس سريعاً ومن فوق أي بلمسة الله المُحيية ، فحتماً ستصير كجيفة الجثة الميتة التي بلا روح ، وكما قالت مريم عن لعازر الميت [ قد أنتن ] وخرجت رائحة الفساد والموت ، فالنفس تدخل في هذه الحالة إلى قبر الشهوة وتفقد كل شعور بالحياة ولا تدرك قيمتها ووضعها السليم ، لأن الشيطان ضحك عليها وأفقدها توازنها وجعلها تحت سلطانه التي يجعلها تخاف على الخروج منه لأنها تعيش في وهم اسمه الخطية والموت ورفض الله !!!

وحينما يشعر الإنسان بأنين تحت ثقل الخطية ولكي يخرج منها ويتحرر من سطوتها فيُصيغ لنفسه معرفة خاصة ليتخلص من ثقل الخطية التي يحملها ، فينشأ لنفسه منهج تدريبي ليتخلص من ثقل الضمير وتعبها ويظن أن هذه هي طريق الخلاص ، وتنشأ عنده توبة مريضة تدخله يا إما في الكبرياء لو كانت إرادته قوية وانتصر على ذاته وكف عن فعل الشر ، يا إما تدخله في حزن ضميره الإنساني الذي يصل به إلى الفشل واليأس من رحمة الله وحنانه الفائق !!!

ويقول القديس أثناسيوس الرسولي : [ لأن كل من يدير ظهره مبتعداً عن "كلمة" الله الكائن والموجود (في العالم) ويُصيغ لنفسه معرفة أخرى هي في الحقيقة ليست كائنة ، فإنه يسقط حتماً إلى العدم ]
والسؤال الذي سيُطرح ما هو المطلوب من الإنسان لكي يدخل في سر معرفة الله الحقيقية ويتخلص من الموت الذي ساد عليه بالخطية ؟!!!
في الحقيقة لن نعرف الله ولن نتحرر من الخطية إلا إذا التقينا معه وأن نراه ، وأن أردنا أن نرى الله حقاً ، فلابدَّ من أن نراه حيث يكون سكناه ولا نبحث عنه بعيداً !!! ؛ وأين يا تُرى مكان سكنى الله !!!

في الحقيقة الله لا يسكن إلا في هيكله الخاص والذي هو صنعة يديه هو لا صنعة إنسان ، لأنه لا يسكن في هياكل مصنوعة بيد بشر ، ونحن صنعة يديه ومقر سكناه الحقيقي ، والذي شوهته الخطية وأفسدته ووضعت غشاوة على أعيننا فلا نُبصر الله ولا نشعره ، ولكننا نحن إليه ونشعر أن هناك شيء عظيم جداً ينقصنا ، لذلك نظل في قلق واضطراب عظيم كل أيام عُمرنا ولا يُشبعنا شيء في هذا العالم من مال أو جاه أو شهوة أو حتى خير نصنعه وأعمال حسنة نسلكها ، أو تجربة حب نعيشها ، لأننا نشعر أن كل هذا ناقص وغير مُشبع لأنفُسنا بل هو جوع لنا أكثر ويُسبب حزن لنا عظيم مع كل اضطراب وعدم راحة ، لأننا لم نجد سر شبعنا الحقيقي وراحة نفوسنا وهو الرب وحده !!!

وكيف يُمكننا أن نرى الله إذا لم نزل عن أعيُننا الغشاوة أو البرقع الحاجز للنور !!! وكيف يُمكننا أن نلتقي مع الله إذا لم نفتح قلبنا لاستقباله !!! لأن القلب هو مكان اللقاء ، وقد دلنا الرب يسوع بفمه الطاهر على الطريق لمعاينته ورؤيته الحقيقية حين قال : [ طوبى لأنقياء القلب فأنهم يُعاينون الله ] (متى5: 8)
ومن منا لم يحاول أن يُتقي قلبه بكل طريقة يراها ممكنه ولم يفشل !!!
لقد حاول الإنسان عَبر التاريخ الإنساني كله ، أن يعود إلى نفسه ويُنقي قلبه ، لكي تعود له الصورة الأولى من البراءة والحُرية ، ولكنه ضلَّ وصار من تيه لتيه ، ومن ضعف لموت ، إذ أنه حينما عاد إلى نفسه ، عاد بمعزل عن الله ، وحاول أن يصلح نفسه بنفسه بكثير من الأعمال الحسنة لكي يُرضي الله الذي وضع معرفته في قلبه حسب ما توصل من معلومات ، فسار إلى ضلالٍ اشد ، لأن ما يجمعه الإنسان عن الله ويضع صورة له في عقله لكي يصل إليها ، هذه هي الوثنية عينها ، لأنها يحاول أن يصل للإله المصنوع في فكره الشخصي وليس الله الحي الذي يُعلن عن ذاته ، لذلك حاول الإنسان جاهداً أن يعود لله [ بعمل ] شخصي يقوم به ، ففشل فشل شديد [ فكل أعماله وتقواه مرفوضة أمام الله ] وكان يستحيل الوصول لله الحي !!!

لأن النفس الميتة لا تستطيع أن تقوم من تلقاء ذاتها ، فهل رأينا ميت يموت ويفسد ثم يقوم من تلقاء ذاته !!! هذا مستحيل مهما ما صنعنا له ، بل ومهما ما وضعنا عليه أغلى العطور وأثمنها ، بل وحتى لو تم تحنيطه في ناووس من الذهب والفضة والحجارة الكريمة ، وهكذا هي أعمالنا ، لأنها هي التابوت الخارجي الجميل الذي يحوي ممات نفوسنا الشقية في داخله ، كقبور مُبيَّضة من الخارج ومن الداخل مملوءة عفونة وعظام نخرة يأكلها السوس !!!


ولكن الحل الحقيقي أتانا من فوق مُتجسداً [ والكلمة صار جسداً وحل فينا (حسب النص اليوناني) ] (يوحنا1: 14) ، لقد عَبَرَ المسيح كلمة الله المتجسد الفرقة والعُزلة التي بين الإنسان ونفسه ، وبين الإنسان والله ، فقد وَحَدَّ الكل في نفسه مع الله ، ويقول القديس أثناسيوس الرسولي : [ أنهُ منذ التجسد الإلهي لم يعُد الإنسان يُعرف بمعزل عن الله ، ولا الله بمعزل عن الإنسان ، لأن الكلمة صار جسداً ]

وهذه الحقيقة التي يقولها القديس أثناسيوس الرسولي ليست فكرة نفرح بها ولكنها تحتاج لأن تتحقق فينا ونتذوقها على المستوى العملي بقبولنا لسرّ التجسد الإلهي على مستوى الخبرة !!!

وقبول تجسد الرب ليس هو مجرد الإقرار به ، بل هو قبول تحولنا إلى صورة الابن بالروح القدس الذي يعمل في داخلنا . وأيضاً قبولنا لمعمودية الرب وتحقيقها فينا بمعموديتنا التي تتجدد فينا بالتوبة ، ومعموديتنا هي قبولنا مسحة يسوع لكي نصير مسيحيين ولكي يقودنا الروح القدس إلى البرية ، وإلى الجلجثة ، بل وإلى القبر لنموت مع المسيح الرب عن إنسانيتنا القديمة ، وندخل في سرّ القيامة معه ، وهي قيامة النفس التي هي القيامة الأولى ، وننتظر بسهر على حياتنا خاضعين للنعمة مستعدين للقيامة الثانية والأخيرة ، قيامة الجسد وتمجيده .

ومن صميم هذه العلاقة الجيدة في المسيح الرب نتذوق حضور الله في القلب ، ومن هُنا نُدرك سرّ كرامتنا في المسيح ، ويقول القديس مقاريوس الكبير : [ أعرف أيها الإنسان سموك وكرامتك وشرفك عند الله ، لكونك أخاً للمسيح (من جهة أنه اتخذ بشريتنا ) ، وصديقاً للملك ، وعروساً للعريس السماوي ، لأن كل من استطاع أن يعرف كرامة نفسه ، فأنه يستطيع أن يعرف قوة وأسرار اللاهوت ، وبذلك ينسحق ويتضع أكثر .. ] (عظة27: 1)


وسوف نتحدث في الجزء القادم عن [ ماذا نفعل بالتحديد ]

aymonded
04-29-2011, 01:57 PM
فهرس الموضوع لمن يحب أن يُتابع الموضوع من أوله
جوهر حياة المسيحي على مستوى الداخل
معرفة النفس ومعرفة الله
للدخول على الموضوعات الرجاء الضغط على العناوين






1 - جوهر حياة المسيحي على مستوى الداخل[1] مقدمــــــــــة (http://www.orsozox.com/forums/f173/t60008/)
2 - معرفة النفس ومعرفة الله على مستوى الداخل [2] دعوة الإنسان العُليـــــا (http://www.orsozox.com/forums/f5/t60027/)
3 - معرفة النفس ومعرفة الله على مستوى الداخل[3] النفس الإنسانية ومعرفة الكتب (http://www.orsozox.com/forums/f5/t60065/)
4 - معرفة النفس ومعرفة الله على مستوى الداخل[3] النفس الإنسانية ومعرفة الكتب وخبرة قوة الله (http://www.orsozox.com/forums/f5/t60128/)
5 - معرفة النفس ومعرفة الله على مستوى الداخل[4] سرّ الله وسرّ الإنسان (http://www.orsozox.com/forums/f5/t60438/)
6 - معرفة النفس ومعرفة الله على مستوى الداخل[5] الإنسان موضوع سرور الله وسرّ المرض الإنساني (http://www.orsozox.com/forums/f5/t60679/)
(http://www.orsozox.com/forums/f173/t61959/)
7 - معرفة النفس ومعرفة على مستوى الداخل[6] العودة للنفس ومعرفة الله (http://www.orsozox.com/forums/f173/t66636/)

Dr.PeRO
04-29-2011, 08:28 PM
ولكننا نحن إليه ونشعر أن هناك شيء عظيم جداً ينقصنا ، لذلك نظل في قلق واضطراب عظيم كل أيام عُمرنا ولا يُشبعنا شيء في هذا العالم من مال أو جاه أو شهوة أو حتى خير نصنعه وأعمال حسنة نسلكها ، أو تجربة حب نعيشها ، لأننا نشعر أن كل هذا ناقص وغير مُشبع لأنفُسنا بل هو جوع لنا أكثر ويُسبب حزن لنا عظيم مع كل اضطراب وعدم راحة ، لأننا لم نجد سر شبعنا الحقيقي وراحة نفوسنا وهو الرب وحده !!!



نفسي الكل يعرف ان مفيش اى مصدر للسعادة الحقيقية، الا اللى خلق السعادة نفسها .. ماشيين فى ساقية مش هتبطل تلف الا لما نموت .. ولسنا مش عارفين نفوق ونعيش مع من احبنا الحب الأعظم
اشكرك على كلماتك الملهمة من الروح القدس .. الرب يبارك حياتك

aymonded
04-29-2011, 08:39 PM
وهبنا الله هذه الحياة المقدسة في سر التقوى والمحبة الصادقة
لنعيش لله ونمجده فينا ونُثمر لحساب مجده العظيم
ولنُصلي بعضنا من أجل بعض ومن أجل كل بعيد
غنى نعمة ربنا يسوع تفيض داخلك سلام آمين