المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سلسلة مدخل عام للأسفار الإلهية (2) الرسالة الروحية لأسفار موسى الخمسة תּוֺרָה


aymonded
05-08-2011, 03:04 PM
الرسالة الروحية لأسفار موسى الخمسة

תּוֺרָה– Torah – توراة

البنتاتيوك – Pentateuch – ή πεντάτευχος

للعودة للجزء الأول أضغط هُنــــــــــا (http://www.orsozox.com/forums/f18/t66859/)




يلزمنا أن نعرف أن الخمسة الأسفار الأولى في العهد القديم ، هي نواة وقاعدة الكتاب المقدس التي على أساسها يقوم كل ما أُوحى به فيما بعد ، لأنها تتضمن جوهر الإعلانات الإلهية وتوضح مقاصد الله وتدبيره وعظمة صلاحه ، وهذه الأسفار الخمسة تُمثل الأساس الثابت للفهم الصحيح لسائر الأسفار المقدسة ، لذلك نجدها تحتل المكانة الأولى في التقليد اليهودي وصارت لهم ناموسهم الأول ، وهي بالتالي مهمة للغاية لكل مسيحي يُريد أن يتعرف على مشيئة الله ويفهم قصده الصالح ويدخل في سرّ تدبيره ، وذلك لأن هذه الأسفار المقدسة نواة الكتاب المقدس هي سجل تاريخي لإعلان الله عن ذاته وطبيعته والتي تقابلها استجابة الإنسان ، ولكنها تُعلن دائماً عن فشل الإنسان في تحقيق مقاصد الله فيه ، ومقابل هذا الفشل تظهر قدرة الله ورحمته وعظيم خلاصه ....
عموماً نستطيع أن نقول أن عدم قراءة وفهم الأسفار الخمسة الأولى من الكتاب المقدس تُسبب قصور في فهم باقي الأسفار المقدسة وحتى العهد الجديد ذاته ، لأن الكتاب المقدس وحدة واحدة ، وأسفار موسى الخمسة هي بداية كل الأسفار وتحمل مضمونها فيها ، فالأسفار الخمسة موضوعها متصل اتصالاً وثيقاً بسائر أسفار العهد القديم كله ، وركيزتها أو محورها الرئيسي هو العهد ، عهد الله مع شعب اختاره ليكون شعباً خاصاً به ويظهر به ذاته أمام العالم كله ، ومن هنا نجد أن الأسفار الأولى تحدثنا عن بداية هذا العهد ولكنها لا تتضمن تحقيقه ، وتُختم أحداثها قبل دخول أرض الميعاد في سفر التثنية . ولكن حتى بعد كمال الانتصار ودخول الأرض التي وعد الله بها أنبياءه القديسين وحققها على يد يشوع بعد موسى ، فمازال الوعد لم يتحقق بعد في كمال قصد الله ، لأنه لا يكمُل إلا في المسيح وفي عهداً جديداً ووصية جديدة تحمل في داخلها كل وصية ، مع العلم أن العهد عهداً واحداً ، لأنه لا يوجد عهدان ، ولكن العهد القديم سُميَّ بالقديم لأنه كان رمزاً ومثالاً لتحقيق العهد في المسيح ، ومتى جاء الكامل ابن الله الحي جدد العهد محققاً إياه في كماله فصار عهداً جديداً ، أو عهد تجديد مستمر نعيشه وننمو فيه !!!

وعموماً ممكن أن نفهم موضوع الأسفار الخمسة عن طريق قانون صغير كان مُحتماً على الإسرائيلي أن يتلوه عند تقديمه بكورات غلاله الزراعية في الهيكل أمام الله الحي فيقول الآتي : [ آرامياً تائهاً كان أبي فانحدر إلى مصر وتغرَّب هُناك في نفر قليل فصار هناك أُمة كبيرة وعظيمة وكثيرة ، فأساء إلينا المصريون وثقَّلوا علينا وجعلوا علينا عبودية قاسية . فلما صرخنا إلى الرب إله آباءنا سمع الرب صوتنا ورأى مشقتنا وتعبنا وضيقنا . فأخرجنا الرب من مصر بيدٍ شديدة وذراع رفيعة ومخاوف عظيمة وآيات وعجائب . وأدخلنا هذا المكان وأعطانا هذه الأرض أرضاً تفيض لبناً وعسلاً . فلآن هأنذا قد أتيت بأول ثمر الأرض التي أعطيتني يا رب ] (تثنية26: 5 – 10) ؛ فهذا القانون الإيماني الحي هو بمثابة اعتراف بنعمة الله وفضله وعظيم خلاصه وإنقاذه لشعبه ...

عموماً نقدر أن نلخص هذه الأسفار ونقول عنها أنها تُعبَّر عن الخلق السقوط الوعد بالخلاص الذي تحقق جزئياً بالرمز ، وهذا هو محورها الرئيسي والذي يجعلنا نفهم ونستوعب أسرار الله المعلنة فيها وفي باقي الأسفار الإلهية :
ففي التكوين - على سبيل المثال - نجد أنه يُعلن أن الله مصدر الخليقة كلها ، وأنه أبدع الكون كله في أروع وأجمل صورة ورأى أن كل ما صنعه فيه حسنٌ جداً ، والهدف من خلق الكون هو أن يكون للإنسان الذي أبدعه أيضاً على صورته كشبهه ليكون مثالاً له ، لكي يكون هو وحده أيقونة الله على الأرض ويسود على كل الخليقة ويرعاها ويرفعها لله بالشكر نائباً عنها أمام جلاله ، والهدف من خلق الإنسان هو أن يحيا في جو المحبة والشركة مع الله ...

وحينما سقط الإنسان وكسر وصية الله المُحب لم يترك الله الإنسان بل أعطاه وعد الخلاص الذي سيتم بنسل المرأة الذي سيسحق رأس الحية أي إبليس ...

وأيضاً وضح السفر تفاقم الشر الذي بدأ البشر يخترعونه والذي تسبب في الطوفان لإبادة كل حي ، وقد اختار الله نوحاً من أجل تجديد الأرض وأقام معهُ ميثاق أو عهد بأنه لا يعود يهلك الأرض ثانية بالطوفان .

ثم اختار الله إبراهيم وإسحق ويعقوب ، الذين وهبت لهم ولنسلهم من بعدهم المواعيد ، بل وللبشرية كلها في المسيح يسوع مُخلصنا الذي أتى من نسلهم لأنهم ماتوا جميعاً [ وهم لم ينالوا المواعيد بل من بعيد نظروها وصدقوها وحيَّوها وأقروا بأنهم غُرباء ونُزلاء على الأرض ] (عبرانيين 11: 13)

فدعوة إبراهيم هي في الحقيقة تتضمن اختيار الله لإسرائيل وتدبيره المُقبل لخلاص الإنسان عموماً ، وهو منهج تعليمي حي لكل إنسان ، فالله أولاً دعا إبراهيم أن يخرج من عشيرته وأرضه إلى المكان الذي يُريه [ وهي نفس دعوة إسرائيل من الخروج من أرض مصر بقوة الله ] ، [ وهي أيضاً دعوة لكل إنسان يُريد أن يعيش مع الله وهو الخروج من أرض الخطية والعبودية بقوة الله إلى الأرض السماوية والسيرة الروحانية ] ، ثم بعد ذلك أدبه الله في الإيمان ، وامتحن إيمانه بتقديم ابنه الوحيد الذي قبل فيه المواعيد ، ففاز إبراهيم لأنه أطاع الله للموت وتخليه عن أبوته ، وتفضيله أن يطيع الله أكثر من أي شيءٌ آخر مقدماً أعز ما لديه من أجل محبته له وثقته الشديدة فيه والتي صارت أعظم من غريزة الأبوة ومشاعره وأحاسيسه العاطفية ، وهي توضح لنا كيف يكون الإنسان المسيحي الحي بالله وكيف يسلك في الطريق الإلهي حسب مقاصد الله ويفهم قول الرب [ أن أحب أحد أباً أو أماً أو أبناً أو بنتاً أكثر مني فلا يستحقني ] ، وهذا ما أعلنه الله في سفر التثنية [ حب الرب إلهك من كل فكرك ونفسك وقوتك ] وهذا هو نفسه قول الرب في الأناجيل ، وأعظم مثال لنا هو إبراهيم أب الآباء ....

عموماً نستطيع أن نخرج بنتيجة هامة للغاية وهي أن الأسفار الخمسة هي كتاب العهد والميثاق التي أقامه الله مع الإنسان في شخص آدم ونوح وإبراهيم وإسحق ويعقوب وشعب إسرائيل ، ولا زال الإنسان يتقبل من هذه العهود عطايا الله ومواهبه التي بلا ندامة ، والعهد هو مصدر كل عطية مجانية بمبادرة إلهية مقدمة من الله للإنسان ، أي هو فعل نعمة ثابت نابع من محبة الله بلا مُقابل ولا استحقاق سابق ، والله لا يطلب في مقابل هذا العهد الذي من خلاله تُصب عطاياه المجانية سوى الطاعة وحدها مع الإخلاص . والناموس وكل القوانين والكلمات والخبرات والهبات التي يُعطيها الله مقابل العهد هو توضيح لمقاصده الإلهية وإعداد الطريق لتحقيق الوعد ....

بالطبع لن أستطيع أن أكتب بالتفصيل الخط العام لهذه الأسفار المقدسة البهية والتي فيها يتضح محور حياتنا وطريق خلاصنا ، ولكن وضعت الخط العام لها أمام كل واحد يُريد أن يفهمها حسب الإطار الخلاصي التي وضعت فيه ، فمن يفهم هذه الأسفار الأولى فبسهولة يقدر أن يستوعب سر باقي الأسرار ويدخل في السيرة الروحانية بوعي وتدقيق ليأخذ ويشبع ويعيش ويحيا بأنفاس الله فاهماً مشيئته وعظمة خلاصه المجاني لكل أحد ...

وفي الجزء القادم سنضع لمحة سريعة عن سفر التكوين وعناوينه كمفتاح لفهم أسراره والشبع من عمل الله وتذوق عظيم خلاصه المبهج لكل نفس ، النعمة معكم

emmmy
05-08-2011, 04:06 PM
رائع رائع رائع
مبدع حقيقى كدة تمام كدة حلو مرسى استاذ ايمن ربنا يخليك يارب
ويثمر خدمتك كمل ربنا يقويك ويسندنك بنعمتة فى انتظار الجزء القادم

aymonded
05-08-2011, 04:16 PM
المسيح إلهنا القدوس يملأ حياتك فرح ومسرة دائمة يا أجمل أخت حلوة ، فقط صلي من أجلي ؛ النعمة معك كل حين

ريم الخوري
05-09-2011, 09:18 PM
شكرا استاز ايمن لتعبك الرب يقويك

aymonded
05-10-2011, 01:21 AM
ويقويكي يا أروع أخت حلوه محبوبة الله والقديسين
ولنُصلي بعضنا من أجل بعض
النعمة معك