المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سلسلة مدخل عام للأسفار الإلهية (3) سفر التكوين – سفر البدايات


aymonded
05-11-2011, 08:53 PM
سفر التكوين – سفر البدايات

بيراشيت = בּֽרֵאשִׁית = Bereshith = في البدء

للعودة للجزء الثاني الرسالة الروحية لأسفار موسى الخمسة
ή πεντάτευχος

أضغط هُنــــــــــا (http://www.orsozox.com/forums/f18/t66889/)



سفر التكوين هو الكتاب الأول الذي يبدأ به الكتاب المقدس ، وهو المفتاح الذي يفتح كنوز الوحي الإلهي ، إذ على أساسه بُنيت المعرفة الصحيحة لبداية الحياة على الأرض ، لا في تفاصيلها ولكن في جوهرها ومن حيث مصدرها الذي هو الله خالق الجميع بكلمة قدرته ، ومفتاح هذا السفر لا يستلمه الإنسان بالفكر أو بالفلسفة أو المعتقدات السائدة عند الناس ولا حتى بالتأمل ، بل ينبغي أن يستمله الإنسان بالوحي الإلهي من الله نفسه ، ولكي نفهم ونستوعب سرّ هذا السفر ينبغي أن ندخل إليه بمهابة شديدة ولا نستخف بما فيه من أحداث معروفة لدينا أو نحاول أن نتأمل فيها بحسب خلفيتنا عنها من واقع خبرة السقوط التي اجتزناها في حياتنا ، لأن هذا مدخل للسفر لا يخلو من المخاطرة لأننا سنخرج حتماً بما نتصوره نحن عن الخلق وطبيعة الإنسان قبل السقوط ، فنخرج خارج مقاصد الله ويحدث خلط في الذهن في الأمور الإلهية كما يقع فيها غالبية من يشرحون ويفسرون سفر التكوين ويقدمونه كتعليم وليس كتأمل ، لأن بالطبع هناك فرق بين التأمل حسب احتياج كل شخص ومرحلته الروحية وبين التعليم حسب مقاصد الله في الخلق وهدفه من الطبيعة ووجود الإنسان ...لذلك يا إخوتي ، ينبغي أن ننتبه جداً وبانتباه قلبي شديد لهذا السفر العظيم ، لأنه أساس فهم كل شيء حسب تدبير الله ومقاصده العظيمة ، وتأكدوا أن أي خلل في فهم هذا السفر يصنع قصُوراً في فهم الخلق حسب مقاصد الله وأيضاً عدم فهم طبيعة السقوط وتدبير الخلاص بوعد الله الذي بدأ منذ سقوط الإنسان بإعلان إلهي قدمه الله للإنسان في هذا السفر العظيم ، وينبغي أن نعرف أن القصور الناتج في شروحات الكتاب المقدس والعقيدة ومفهوم الخلق والسقوط والفداء هو نبعه عدم فهم هذا السفر فهماً صحيحاً والاعتماد على الفلسفة الفكرية أو غالباً التأملات التي ينطلق معظمها من خبراتنا الشخصية من حيث حياتنا في خبرة الشر ثم توبتنا وعودتنا لله ومعرفتنا بالأمور الإلهية ، لذلك كثيرون لا يفهمون أصول خلق الكون كله والإنسان على ضوء ما قاله الله بتكرار مستمر وواضح مقصود في ختام كل مرحلة من الخلق والتي لم توجد في فكر باقي الشعوب أو معرفتهم وهي : [ ورأى الله ذلك أنه حسن ] (تك1: 10و 12 و18و 21و 25) وفي ختام الخلق أعلن الله عن كمال سروره [ ورأى الله كل ما عمله فإذا هوحسنٌ جداً ] (تك1: 31)
لذلك أعلن الله كمال سروره في حالة راحة من جهة كل ما صنع [ فاستراح الله في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل ، وبارك الله اليوم السابع وقدسه . لأنه استراح من جميع عمله الذي عمل الله خالقاً ] (تك2: 1 – 3)


+ ولنا أن نعلم أن سفر التكوين لا ينشغل بشرح تفاصيل الخليقة وتطورها أو يعلن كل دقائق الخلق بتفاصيلها – كما يظن بعض الذين يحاولون حشر الاكتشافات العلمية حشراً بالكتاب المقدس عموماً ويأكدون على الإعجاز العلمي فيه – فليس هذا هو موضوع سفر التكوين إطلاقاً ولا حتى الكتاب المقدس كله ، إنما سفر التكوين يوضح مصدر الخليقة وينطلق مباشرة لوصف حالة الإنسان المخلوق على صورة الله ومثاله وهو في حالة البراءة الكاملة والسيطرة على جميع المخلوقات كسيد عليها والسعادة الفائقة التي وُهِبَت لهُ في جنة عدن .
وأيضاً وضح شركة المحبة بينه وبين الله في حالة من الحُرية والاختيار ، إذ أعطاه الله وصية تربطه بشخصه العظيم ، لكي بواسطة طاعته لها يُعلن حبه وولائه المتجدد لمصدر وجوده التي تقوم عليه حياته كلها ، واعترافاً بفضله العظيم لأنه أبدع كل الأشياء لأجله ...


ويُظهر لنا هذا السفر المجيد الحالة الرائعة للإنسان مع الله كمحب ومحبوب ، في لقاء دائم يومي عند هبوب ريح النهار ، ولكنه يُظهر لنا عنصر دخيل على هذه العلاقة الفائقة المجد يُفسد على الإنسان سعادته ويحرضه على مخالفة وصية المحب الذي هو خالقه وصانعه الله القدوس ، فيستجيب الإنسان لغواية العدو ويفقد ثوب براءته ورباط المحبة لجابله وينكشف عُريه ويكتسب حكم الموت الذي اختطفه لنفسه بإرادته عكس مشيئة الله وإرادته .

وفي هذه الحالة المخجلة والمُزرية للإنسان يظهر الله كأب يُعاتب ابنه على عصيانه ، ويظهر نتيجة العصيان الذي حدث له في صورة عقاب ناتج طبيعياً عن الخطية الذي ظهر بالموت ، وفيما ينطق الله بنتيجة الخطية الطبيعي وعقابها المُميت ، يعطي وعداً بالخلاص في عمق العقوبة ذاتها ، مُعلناً عن مجيء المُخلِّص الذي يأتي من نسل المرأة ليسحق رأس الحية التي هي أصل الغواية ...

ويشرح سفر التكوين بعد ذلك بداية حياة الإنسان على الأرض الملعونة بسبب خطيئته ، والتي أصبحت قاسية وكلها أخطار ولكنها مع ذلك مُحاطة دائماً برعاية الله ، لأنه لازال يقبل من الإنسان الخاطئ عبادته التي يقدمها لخالقه عن حب وإيمان متطلعاً نحو تحقيق الوعد المنتظر بالخلاص ، وتظهر بالطبع شخصيات بارزة ومحدودة جداً تستطيع بحسها الإيماني أن تسير مع الله ، مثل هابيل الذي أرضى الله بقرابينه الذي قدمها بقلب طاهر محباً لله خالقه ، وأخنوخ الذي سار مع الله ونُقل ولم يَرى الموت [ إذ قبل نقله شُهِدَ له بأنه قد أرضى الله ] (أنظر تكوين 5: 24 ؛ عبرانيين 11: 5)


ويوضح أيضاً بعد ذلك أن الخطية تفاقمت جداً وتفشت في الأرض إذ بدأ الناس يخترعون الشر على كل وجه ، وتفشت الخطية التي أفسدت البشر تماماً مثل السرطان المُميت والفيروس المُعدي حتى طغت على الكل وامتلأ مكيالها وفاض ، فقرر الله محو الإنسان من على وجه الأرض لأنه لا يُريد أن يتراجع بل استمر في اختراع الشرّ بكل نشاط وغيره وبدأ يتصاعد شره ويزداد كل يوم بصورة مبالغ فيها جداً ، طبعاً فيما عدا أُسرة واحدة وجدت نعمة في عيني الله ، فأبقاها لتكون نواة لحياة جديدة أو غُرس جديد للتمجيد وتجديد الخليقة [ فيدعون أشجار البرّ غُرس الرب للتمجيد ] (إشعياء 61 : 3) ، ثم بعد ذلك اختار الله من نسل نوح إبراهيم الذي أفرزه من وسط أهله ودعاه لكي يتبعه إلى أرض جديدة لا يعرفها ، حيث أعطاه الوعد بجعله أُمه عظيمة ويُباركه جداً ، وفي نسله تتبارك جميع قبائل الأرض ، وبهذا الاختيار يبدأ تاريخ الشعب العبراني الذي استخدمه الله ليكون خادماً للخلاص ، بل ويصير واسطة لتحقيق الفداء لجميع الشعوب [ أنظر مزمور105: 7 – 23 ] ، وهذه هي خُلاصة سفر التكوين كما رواها سفر المزامير في الفقرة التي أشرنا إليها في مزمور 105

وعموماً سفر التكوين يكشف حقائق إلهية وهي موضوعه الرئيسي والذي هو محصور بينهما وهما : الخلق والاختيار والإعلان الإلهي ، وهذا بالتالي يُدلي بتأكيدات لاهوتية عميقة تنعكس على الكتاب المقدس ككل ، صعب شرحها الآن لأنها ستأخذ منا مراحل في الشرح كثيرة جداً وطويلة ، وكلننا هنا نركز على المعنى العام فقط كمدخل لفهم هذا السفر العظيم والذي هو بمثابة مدخل لكل الأسفار ...

عموماً الموضوعات الرئيسية في سفر التكوين فيُمكن حصرها في موضوعين أساسيين :
[أولاً] الموضوع الأول [ البدايات ] : وهي من الإصحاح الأول إلى الإصحاح الحادي عشر ، وتبدأ بالعبارة [ في البدء خلق الله السماوات والأرض ] ، وهي تُقرر الحقائق اللاهوتية الكُبرى للإيمان بمنتهى التركيز والاختصار ، وكأنها عملية غرس لبذار الحقيقة في وضعها الأولى لكي تنمو إلى ملء استعلانها في نهاية العالم كما هو واضح في آخر سفر في الكتاب المقدس [ يقول الشاهد بهذا نعم . أنا آتي سريعاً . آمين تعالى أيها الرب يسوع . نعمة ربنا يسوع المسيح مع جميعكم آمين ] (رؤية22: 20و 21) ... وطبعاً هذا نجده في قانون الإيمان الذي نردده في كل وقت وكل ساعة ...

ويُمكن تقسيم هذه الحقبة إلى ثلاثة مراحل [ وهي تُسمى الكتاب الأول : بداية الكون والإنسان ] وهما :
المرحلة الأولى : بداية الخليقة حتى السقوط [تكوين 1 – 3]
المرحلة الثانية : بداية السقوط حتى الطوفان [تكوين4 – 8: 14]
المرحلة الثالثة : بداية الطوفان حتى بابل وسلسلة انساب نوح [تكوين8: 15 – 11: 23]
[ثانياً] مرحلة جديدة في تاريخ الخلاص وبداية تاريخ الجنس العبراني : وهي تبدأ من الإصحاح الثاني عشر إلى آخر إصحاح [تكوين 50] ، حيث تُحدثنا عن بداية تدبير الله باختيار إبراهيم للإعداد لمجيء المُخلِّص من نسله الذي تتبارك فيه جميع قبائل الأرض ، وينتهي السفر بتغرب بني إسرائيل – الشعب المُختار الذي جاء من نسل إبراهيم – في أرض مصر التي بدأت بمظهر الكرامة والعزة وانتهت بالخزي والمذلة وإعلان العبودية ، وذلك كله بناءً على تدبير إلهي لحكمة سوف تتجلى فيما بعد وتُعلنها الأسفار المقدسة التي تلي سفر التكوين ...

ويُمكن تقسيم هذه الحقبة إلى ثلاثة مراحل [ وهي تُسمى الكتاب الثاني : آباء شعب الله المختار ] وهما :
المرحلة الأولى : دعوة إبراهيم حتى انتقاله [تكوين12 – 25: 18]
المرحلة الثانية : ميلاد عيسو ويعقوب حتى سلسلة أنساب آدوم [تكوين25: 19 – 37: 2]
المرحلة الثالثة : بيع يوسف وذهابه لمصر كعبد حتى التجاء شعب إسرائيل لمصر واستقراره فيها ، وانتقال يعقوب ثم يوسف [تكوين 37: 2 – 50: 26]
وهذا التقسيم الذي ذكرناه يعطينا فكره عامة عن محتويات السفر ، ولكن السفر نفسه يضع لنا تقسيماً مُحدد في ذكر كلمة [ البدء ] أو [ مبادئ ] أو [ مواليد ] ، فقد وردت هذه الكلمة 11 مرة في السفر وأنشأت 11 قسماً وهما كالتالي :1 – [ في البدء ... ] (تك1 – 2: 3) وهي بداية الخلق
2 – [ هذه مبادئ السماوات والأرض ] (تك2: 4)
3 – [ هذا كتاب مواليد آدم. يوم خلق الله الإنسان على شبه الله عمله ] (تك5: 1)
4 – [ هذه مواليد نوح ] (تك6: 9)
5 – [ هذه مواليد بني نوح : سام وحام ويافث ] (تك10: 1)
6 – [ هذه مواليد سام ] (تك11: 10)
7 – [ هذه مواليد تارح ] (تك11: 27)
8 – [ هذه مواليد إسماعيل بن إبراهيم ] (تك25: 12)
9 – [ هذه مواليد إسحق بن إبراهيم ] (تك25: 19)
10 – [ هذه مواليد عيسو الذي هو أدوم ] (تك36: 1)
11 – [ هذه مواليد يعقوب ] (تك37: 2)
وفي الجزء القادم سنضع فهرس موضوعي كعناوين لإصحاحات سفر التكوين لتسهيل دراسته ، النعمة معكم

اشرف وليم
05-11-2011, 09:55 PM
شكرا لتعب محبتك
الرب يبارك حياتك
موضوع اكثر من رائع

aymonded
05-11-2011, 10:06 PM
شكرا لتعب محبتك
الرب يبارك حياتك
موضوع اكثر من رائع


الرائع وجودك الحلو معنا يا أجمل أخ رائع
ولنُصلي بعضنا من أجل بعض
النعمة معك

emmmy
05-11-2011, 10:07 PM
سلسلة جميلة جدا جدا جدا ومجهود فعلا جبار
وواضح جدا منة انة مش سهل وانها هتبقى سلسلة من اروع ما عملت
حقيقى عاجزة عن الشكر لمحبتك وتعبك ربنا يثمر خدمتك يا استاذ ايمن

aymonded
05-11-2011, 10:30 PM
سلسلة جميلة جدا جدا جدا ومجهود فعلا جبار
وواضح جدا منة انة مش سهل وانها هتبقى سلسلة من اروع ما عملت
حقيقى عاجزة عن الشكر لمحبتك وتعبك ربنا يثمر خدمتك يا استاذ ايمن


ويفرح قلبك يا محبوبة الله الحلوة
فقط صلي من أجلي ؛ النعمة معك

aymonded
05-12-2011, 10:36 AM
لأ طبعاً يا جميل هذا التأمل بعيد كل البعد عن السفر تماماً ، بالطبع الله يحزن من أجل الإنسان وسقوطه فأعطاه الوعد بالخلاص ، لأن مشيئة الله أن ينقذ الإنسان وينجيه من الموت ، ولكن مجمل الإصحاح بوضوح وبدون تأويل أو تأملات تخرج عن إطاره العام فهو مكتوب بشكل لا يحتاج لشرح أو تفسير : [ ورأى الله كل ما عمله فإذا هوحسنٌ جداً ] (تك1: 31) ، فالخروج عن النص وتحميله ما ليس فيه هو مجرد تأمل شخصي ، وأشكرك جداً على مشاركتك الحلوة معنا يا أجمل أخ حلو ، النعمة معك

ريم الخوري
05-12-2011, 06:43 PM
مجهود رائع من حضرتك الرب يبارك تعبك

aymonded
05-13-2011, 12:23 AM
ويبارك حياتك يا أجمل أخت حلوة
فقط صلي من أجلي النعمة معك

محتاجة صلاة
03-03-2012, 01:06 PM
شكرا لتعبكم ومجهوداتكم الرائعة

aymonded
03-03-2012, 06:30 PM
نعمة الله تملأ قلبك سلام ومسرة آمين