المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بيضة القيامة


ريم الخوري
01-29-2012, 08:31 PM
http://www.archorthotripoli.org/resources/_1_~2.PNG.opt267x224o0,0s267x224.PNG

بيضة القيامة
توما ولد في العاشرة من عمره، ضخم الجسم قويّ العضلات، وهو طيّب القلب كثيراً. لم يكن يذهب ورفاقه الى الكنيسة، ولم يسمعوا عن الربّ يسوع شيئاً كثيراً، لأنّه لم يكن هناك كاهن في القرية لكي يعلّمهم.
حصل مرّة فيما كان بعض الأولاد يتراشقون بالحجارة أن قتلوا دجاجة الجيران دونما قصد، فهربوا خوفاً من أن تراهم صاحبة المنزل. مرّ توما صدفة من ذلك المكان في الوقت التي رأت فيه المرأة دجاجتها المقتولة، فاتّهمت توما بأنّه القاتل، وأخذت تصرخ في وجهه، وتهدّده، فاجتمع الناس حولهما، وبدأ توما يقول لهم بأنّه بريء، لكنّهم لم يصدّقوه، وأجبروه على دفع ثمن الدجاجة. لكنّ توما كان فقيراً لا مال له. فأجبروه، عندئذ، أن يعمل في حقل المرأة مدّة شهر دون أجرة ليعوّض لها ثمن الدجاجة.
حزن توما كثيراً خصوصاً وأنّ رفاقه أصبحوا يلقّبونه "بتوما قاتل الدجاج"، وما عادوا يلعبون معه كما كانوا من قبل، بل كانوا يعيّرونه بأنّه إنسان شرّير يجب الابتعاد عنه. حوّلت هذه الكلمات السيّئة توما الطيّب القلب إلى إنسان شرّيرٍ بالفعل، إذ لم يستطع أن يتحمّل ما حدث، وشعر بحبّ الانتقام يكبر ويكبر ويكبر في داخله. فلمّا انقضى الشهر، اختفى توما في إحدى الغابات، ولم يعرف أحد بعد ذلك مكانه. هناك كان يخطّط للانتقام. نعم سوف ينتقم من جميع الأولاد الذين سخروا منه، سيسرق دجاجاتهم، ويتركها في الغابة لتأكلها الوحوش. حتّى الذين لم يسيئوا إليه، سوف يفعل بهم الشيء نفسه، لأنّه غاضب جدّاً، وهو الآن يكره كلّ العالم.
وبعد مرور فترة على اختفائه، صار يأتي القرية ليلاً لينفّذ خطّته. خاف الناس كثيراً، وصاروا يحرسون دجاجاتهم، لذا تحوّل توما إلى قرية أخرى، وصار يسرق دجاجتها لينتقم لنفسه.
ومرّة لمّا كان الربيع قد أزهر، وقد اقترب عيد الفصح إذ لم يتبقّى سوى أيّام قليلة، وأهل القرية يستعدّون له بسلق البيض وتلوينه، تسلّل توما ليلاً إلى حديقة جميلة فيها بيت صغير للدجاج. ولمّا دخل ليسرق، كعادته، فوجئ بألكسندر الولد الطيّب المعروف بقوّته الكبيرة . كان ألكسندر قد أتى ليأخذ البيض باكراً جدّاً، ليسلقه ويصبغه باللون الأحمر، ثمّ يقدّمه لجيرانه الفقراء بمناسبة عيد قيامة المسيح. فلمّا رآه توما، نظر إليه نظرة قاسية شرّيرة، وأراد ضربه، فما كان من ألكسندر سوى أن ابتسم له ابتسامة حلوة مملوءة بالمحبّة والوداعة، وأخرج من جيبه بيضة حمراء كان قد زيّنها برسوم جميلة وقال له: "هذه لك. المسيح قام. "انحدرت دمعتان على وجه توما، ثمّ ما لبث أن ابتسم، هو أيضاً، إذ شعر بمحبّة ألكسندر وأجابه: "حقّاً قام." وبعد أن هدأ قليلاً قال لألكسندر:
- لماذا، وأنا أريد أن أؤذيك، تعطيني بيضة، رغم أنّك قادر أن تغلبني لأنّك أكبر منّي وأقوى؟
- كيف أفعل هذا وأنا مسيحيّ؟ ألم يوصِنا الربّ يسوع بأن نحبّ أولاده جميعاً.
- وأنا رغم شروري الكثيرة هل أُدعى له ابناً؟
- نعم، أنت ابنه، وتستطيع الرجوع إليه بالتوبة وهو يقبلك بكلّ تأكيد، فالذي بذل نفسه على الصليب من أجلنا، ألا يقبلنا عندما نعود إليه نادمين على خطايانا؟ أنّه يقبلك، ويقبلني، ويقبل الجميع. إنّه أبونا ومخلّصنا الذي أحبّنا حتّى موت الصليب، ثمّ قام لكي يمنحنا الفرح والحياة الجديدة.
فرح توما بكلام ألكسندر، وطلب إليه بدموع أن يعلّمه كيف يحيا حياة مسيحيّة حقيقيّة. ومنذ ذلك الحين، ترك حياته الشرّيرة، وصار يحبّ الجميع ويخدمهم ويهتمّ بهم بكلّ حماس. وتغيّر اسمه من "توما الشرّير" إلى "توما الصالح".
هل تدرون، يا أحبائي، لماذا نسلق البيض ونلوّنه في عيد الفصح؟
هناك جوابان: أوّلهما أنّ القدّيسة مريم المجدليّة ذهبت إلى روما لكي تشكو اليهود قاتلي يسوع لدى الإمبراطور وهي تحمل بيدها بيضة، وفيما هي تؤكّد للإمبراطور أنّ المسيح قام تحوّل لون البيضة إلى الأحمر فجأة. وثانيهما: لأنّ البيضة تحمل داخلها فرخاً حيّاً مع أنّها مغلَقة، هكذا أيضاً كان القبر يحمل الحياة فيه، أي يسوع المسيح، مع أنّه كان مغلَقاً
راهبات دير القديس يعقوب الفارسي المقطّع
.