عرض مشاركة واحدة
بياناتي
 رقم المشاركة : ( 6 )
aymonded
ارثوذكسي ذهبي
رقم العضوية : 527
تاريخ التسجيل : Jun 2007
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 21,222
عدد النقاط : 58

aymonded غير متواجد حالياً

افتراضي رد: التبني - العطية العُظمى، غاية التجسد الإلهي

كُتب : [ 07-21-2018 - 05:39 AM ]


ثانياً: الفكرة القانونية العامة


[سوف نذكر التبني – باختصار شديد – من خلال العهد القديم وعادات الشعوب لنميز ما بين المفهوم القانوني وعادات الشعوب، وبين العهد الجديد وما شرحه القديس بولس الرسول، لأننا لن نفهم ما كتبه القديس بولس وفي ذهننا لبس ما بين التبني على مستوى الجسد وعادات الشعوب وما بين بنوتنا الحقيقية في المسيح يسوع، لأن الأولى تنتمي للجسد وتُقام على أساس العاطفة الإنسانية الطبيعية بحسب الغريزة وإشباع حاجات البشر، أما الثانية فهي بنوة بالروح حسب رحمة محبة الله المتسعة جداً والثابتة الغير متقلبة ولا متغيرة]
عموماً كانت هذه العادة [التبني] شائعة بين اليونانيين والرومانيين، وغيرهم من الشعوب قديماً، ولكنها لا تُذكر إطلاقاً في الشريعة اليهودية:
1 – التبني في العهد القديم
نقرأ في العهد القديم عن ثلاثة حالات من التبني:
الحالة الأولى موسى،

وقد تبنته ابنة فرعون "ولما كبر الولد جاءت به إلى ابنة فرعون فصار لها ابناً [تبنته]" (خروج 2: 10)
والحالة الثانية جنوبث،
وقد تبنته خالته تحفنيس زوجة فرعون مصر "فولدت لهُ أخت تحفنيس جنوبث ابنهُ وفطمته تحفنيس في وسط بيت فرعون. وكان جنوبث في بيت فرعون بين بني فرعون" (1ملوك 11: 20)
والحالة الثالثة أستير،
وقد تبناها مردخاي "وكان مربياً لهدسه أي أستير بنت عمه، لأنه لم يكن لها أب ولا أم [مات أبوها وأمها فتبناها مردخاي].. أستير ابنة أبيحايل عم مردخاي الذي اتخذها لنفسه ابنة " (أستير 2: 7 و15)

ونُلاحظ بالنسبة لهذه الحالات الثلاث، أنها لم تحدث في فلسطين، بل في خارجها، وبالتحديد في مصر وفارس، حيث كان التبني أمراً شائعاً في تلك المناطق. والتبني يصدر دائماً عن الأب المتبني (الذي يريد التبني)، فهو من يتخذ المبادرة على الدوام. وقد يكون الدافع لهذا هو الاحتياج العاطفي والنفسي، أي ملء الفراغ العاطفي لعدم وجود ذرية تُشبع العواطف الأبوية والمفاهيم الدينية، وأيضاً لحفظ اسم العائلة واستمرارها وامتدادها المستقبلي، أو للرغبة في ممارسة السلطة الأبوية للإشباع النفسي العاطفي.
2 – التبني في عادات الشعوب باختصار
كانت إجراءات وشروط التبني تختلف من شعب لآخر ومن زمن لزمن، حسب عاداته وتقاليده وديانته، فقد كان التبني عند الأمم الشرقية يمكن أن يمتد إلى العبيد أو الأسرى [كما في حالة موسى]، وبالتبني ينالون حريتهم ويحصلون على الحقوق الكاملة التي للأبناء والأحرار؛ أما عند اليونان والرومان، فكان التبني قاصراً على المواطنين الأحرار، إلا في بعض الحالات الاستثنائية فقط.
1 – عند اليونان:
كان ممكناً للإنسان في أثناء حياته أو في وصية تُنفَذ بعد وفاته، أن يتبنى أي مواطن ذكر، فيصبح في مكانة الابن له كل حقوقه الكاملة في كل شيء، ولكن بشرط أن يقبل الابن المتبني القيام بكل الالتزامات القانونية والواجبات الدينية التي يلتزم بها الابن الطبيعي لأبيه.
2 – عند الرومان:
نلاحظ أن سلطة الأب عند الرومان سلطوية عاتية، فكان الأب يُمارس على ابنه سلطة شبيهة بالسلطة التي يُمارسها السيد على عبده، وقد أضفى هذا صورة غريبة على عملية التبني لتظهر بشكل مرض نفسي يظهر فيه حب التسلط على الأضعف، وكانت إجراءات التبني شبيهة بما كان يُجرى عند اليونانيين، وعلى وجه التحديد: كان التبني إجراء به ينتقل الابن من سلطة أبيه الحقيقي إلى سلطة أبيه بالتبني، وكأنها عملية بيع افتراضية للابن يُصبح بها خاضعاً تماماً لسلطة الأب الذي تبناه.
وكانت الإجراءات تتم بأن يقوم الوالد ببيع ولده للأب الجديد ثلاثة مرات، بعدها يَمْثُل الوالد الجديد أمام القاضي ويُعلن أن هذا الولد صار أبناً له، وهكذا يصبح هذا الابن هو الوريث الشرعي لأبيه بالتبني.